وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ الْحَيْضِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا :" أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ " وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ :" إذَا كَانَ يَوْمَيْنِ وَأَكْثَرَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَهُوَ حَيْضٌ " وَالْمَشْهُورُ عَنْ مُحَمَّدٍ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ مَالِكٌ :" لَا وَقْتَ لِقَلِيلِ الْحَيْضِ، وَلَا لِكَثِيرِهِ ".
وَحَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِك أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ أَكْثَرَ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ؛ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ فَارِسٍ قَالَ : حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجَزَّارُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ بِذَلِكَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :" أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ".
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ :" الْحَيْضُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ، فَإِذَا زَادَتْ فَهِيَ اسْتِحَاضَةٌ ".
وَقَالَ عَطَاءٌ :" إذَا زَادَتْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ فَهِيَ اسْتِحَاضَةٌ ".
وَقَدْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ بِقَوْلِ عَطَاءٍ :" إنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ ".
ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إلَى مَا ذَكَرْنَا، وَمِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ لِلْقَائِلَيْنِ بِأَنَّ أَقَلَّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرَهُ عَشَرَةٌ، حَدِيثُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ ﴾ فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ فَلَا مَعْدِلَ عَنْهُ لِأَحَدٍ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُمَا قَالَا :" الْحَيْضُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ، إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَمَا زَادَ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ ".
وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَا