وَقَوْلُهُ لِحَمْنَةَ :﴿ تَحِيضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ فِي كُلِّ شَهْرٍ ﴾ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونُ دَلِيلًا مُبْتَدَأً لِصِحَّةِ قَوْلِنَا، مِنْ قِبَلِ : أَنَّ قَوْلَهُ :﴿ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ فِي كُلِّ شَهْرٍ ﴾ لَمَّا كَانَ مُسْتَوْعِبًا لِجِنْسِ النِّسَاءِ اقْتَضَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمَ جَمِيعِ النِّسَاءِ، وَذَلِكَ يَنْفِي أَنْ يَكُونَ حَيْضُ امْرَأَةٍ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ؛ فَلَوْلَا قِيَامُ دَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ قَدْ يَكُونُ ثَلَاثًا لَمَا جَازَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَ الْحَيْضَ أَقَلَّ مِنْ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ، فَلَمَّا حَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى كَوْنِ الثَّلَاثِ حَيْضًا خَصَّصْنَاهُ مِنْ عُمُومِ الْخَبَرِ وَبَقِيَ حُكْمُ مَا دُونِ الثَّلَاثِ مَنْفِيًّا بِمُقْتَضَى الْخَبَرِ، وَيُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ فِي أَكْثَرِ الْحَيْضِ.
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ مَا رَأَيْت نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِعُقُولِ ذَوِي الْأَلْبَابِ مِنْهُنَّ فَقِيلَ : مَا نُقْصَانُ دِينِهِنَّ ؟ فَقَالَ : تَمْكُثُ إحْدَاهُنَّ الْأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ لَا تُصَلِّي ﴾ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُدَّةَ الْحَيْضِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي، وَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهَا عَشَرَةُ أَيَّامٍ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ :﴿ اجْتَنِبِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ مَحِيضِك ثُمَّ اغْتَسِلِي وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ ﴾ وَرَوَى الْحَكَمُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، ﴿ أَنَّ سَوْدَةَ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنِّي أُسْتَحَاضُ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْعُدَ أَيَّامَ حَيْضِهَا، فَإِذَا مَضَتْ تَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَصَلَّتْ ﴾.
وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ :﴿ دَعِي الصَّلَاةَ بِعَدَدِ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْت تَحِيضِينَ فِيهَا ثُمَّ اغْتَسِلِي ﴾ وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ