عَنْ كُلِّ قِطْعَةٍ مِنْهُ.
كَذَلِكَ جَازَ أَنْ تُسَمَّى الْحَيْضَةُ الْوَاحِدَةُ أَقْرَاءَ عِبَارَةً بِهَا عَنْ أَجْزَاءِ الدَّمِ.
فَإِنْ قِيلَ : إنَّ اسْمَ الْأَيَّامِ قَدْ يَقَعُ عَلَى يَوْمَيْنِ، فَيَجِبُ أَنْ يُجْعَلَ أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمَيْنِ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهَا.
قِيلَ لَهُ : إنَّمَا يُطْلَقُ اسْمُ الْأَيَّامِ عَلَيْهِمَا مَجَازًا وَحَقِيقَتُهَا ثَلَاثَةٌ فَمَا فَوْقَهَا، وَحُكْمُ اللَّفْظِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ حَتَّى تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ صَرْفِهِ إلَى الْمَجَازِ.
وَدَلِيلٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّ مُدَّةَ أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَنَا سَبِيلٌ إلَى إثْبَاتِ مِقْدَارِهَا مِنْ طَرِيقِ الْمَقَايِيسِ، وَكَانَ طَرِيقُهَا التَّوْقِيفَ وَالِاتِّفَاقَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ بَيَانِهِ فِي هَذَا الْبَابِ، ثُمَّ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ حِيَضٌ وَكَذَلِكَ الْعَشْرُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ وَفَوْقَ الْعَشْرِ، أَثْبَتْنَا مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ وَلَمْ نُثْبِتْ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ لِعَدَمِ مَا يُوجِبُهُ مِنْ تَوْقِيفٍ أَوْ اتِّفَاقٍ.
فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ الْمُبْتَدَأَةَ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ مَا تَرَى الدَّمَ وَإِنْ كَانَتْ رُؤْيَتُهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ حَيْضٌ، وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ الدَّمَ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا احْتَاجَ إلَى دَلَالَةٍ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الْحَيْضِ بَدِيًّا، فَلَا يُنْقَضُ هَذَا الْحُكْمُ إلَّا بِدَلَالَةٍ تُوجِبُ نَقْضَهُ، وَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحَيْضُ يَوْمًا وَلَيْلَةً.
قِيلَ لَهُ : وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ إذَا رَأَتْهُ وَقْتَ صَلَاةٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مُدَّةَ الْحَيْضِ وَقْتُ صَلَاةٍ، فَلَمَّا لَمْ يَدُلَّ أَمَرْنَا إيَّاهَا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ إذَا رَأَتْ الدَّمَ وَقْتَ صَلَاةٍ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ وَقْتُ صَلَاةٍ، بَلْ كَانَ حُكْمُ ذَلِكَ الدَّمِ مُرَاعًى مُنْتَظَرًا بِهِ اسْتِكْمَالَ مُدَّةِ الْحَيْضِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِيهَا، كَذَلِكَ الْيَوْمُ