تَرْكِ جِمَاعِهَا مُولٍ، فَتَرْكُ الْجِمَاعِ مُضْمَرٌ فِي الْآيَةِ عِنْدَ الْجَمِيعِ فَأَثْبَتْنَاهُ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ تَرْكِ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ لَمْ تَقُمْ الدَّلَالَةُ عَلَى إضْمَارِهِ فِي الْآيَةِ فَلَمْ يُضْمِرْهُ.
وَيَدُلُّ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ قَوْلُهُ :﴿ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ وَمَعْلُومٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَيْءِ هُوَ الْجِمَاعُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ السَّلَفِ فِيهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُضْمَرَ فِي قَوْلِهِ :﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ﴾ هُوَ الْجِمَاعُ دُونَ غَيْرِهِ.
وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ أَنَّ الْهِجْرَانَ يُوجِبُ الطَّلَاقَ، فَإِنَّهُ قَوْلٌ شَاذٌّ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إذَا حَلَفَ ثُمَّ هَجَرَهَا مُدَّةَ الْإِيلَاءِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ خِلَافُ الْكِتَابِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ﴾ وَالْأَلِيَّةُ الْيَمِينُ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَهِجْرَانُهَا لَيْسَ بِيَمِينٍ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ.
وَرَوَى أَشْعَثُ عَنْ الْحَسَنِ : أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ فِي خُلُقِهَا سُوءٌ، فَكَانَ يَهْجُرُهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهَا وَلَا يَرَى ذَلِكَ إيلَاءً.


الصفحة التالية
Icon