عَلَى افْتِضَاضِهَا أُجِّلَ أَجَلَ الْعِنِّينِ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى جِمَاعِهَا فِي الْمُدَّةِ كَانَ فَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ قَوْلُهُ :﴿ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ وَهَذَا قَدْ فَاءَ ؛ لِأَنَّ الْفَيْءَ الرُّجُوعُ إلَى الشَّيْءِ، وَهُوَ قَدْ كَانَ مُمْتَنِعًا مِنْ وَطْئِهَا بِالْقَوْلِ وَهُوَ الْيَمِينُ، فَإِذَا فَاءَ بِالْقَوْلِ فَقَالَ " قَدْ فِئْت إلَيْك فَقَدْ رَجَعَ عَمَّا مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْهُ بِالْقَوْلِ إلَى ضِدِّهِ، فَتَنَاوَلَهُ الْعُمُومُ ؛ وَأَيْضًا لَمَّا تَعَذَّرَ جِمَاعُهَا قَامَ الْقَوْلُ فِيهِ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْبَيْنُونَةِ.
وَأَمَّا تَحْرِيمُ الْوَطْءِ بِالْإِحْرَامِ وَالْحَيْضِ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ، أَمَّا الْإِحْرَامُ فَلِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ وَلَا يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ الْوَطْءِ، وَأَمَّا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِلْمُولِي تَرَبُّصَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَعَ عِلْمِهِ بِوُجُودِ الْحَيْضِ فِيهَا ؛ وَاتَّفَقَ السَّلَفُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْفَيْءُ بِالْجِمَاعِ فِي حَالِ إمْكَانِ الْجِمَاعِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْقُلَهُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ مَعَ إمْكَانِ وَطْئِهَا، وَتَحْرِيمُ الْوَطْءِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ إمْكَانِهِ، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْإِحْرَامِ وَالظِّهَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ مُنِعَ مِنْ الْوَطْءِ بِتَحْرِيمِهِ لَا بِالْعَجْزِ وَتَعَذُّرِهِ وَلِأَنَّ حَقَّهَا بَاقٍ فِي الْجِمَاعِ.
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَبَانَهَا بِخُلْعٍ وَهُوَ مُولٍ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ التَّحْرِيمُ الْوَاقِعُ مُوجِبًا لِجَوَازِ فَيْئِهِ بِالْقَوْلِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَوْ وَطِئَهَا فِي هَذَا الْحَالِ بَطَلَ الْإِيلَاءُ.
فَإِنْ قِيلَ : إذَا كَانَ الْفَيْءُ بِالْقَوْلِ لَا يُسْقِطُ الْيَمِينَ فَوَاجِبٌ بَقَاؤُهَا ؛ إذْ لَا تَأْثِيرَ لِلْفَيْءِ بِالْقَوْلِ فِي إسْقَاطِهَا.
قِيلَ لَهُ : هَذَا غَيْرُ وَاجِبٍ، مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ جَائِزٌ بَقَاءُ الْيَمِينِ، وَبُطْلَانُ الْإِيلَاءِ مِنْ جِهَةِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ الطَّلَاقِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ كَانَتْ