سَاقِطٌ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ : أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى " يَقْتَضِي جَوَازَ صَوْمِهِ إذَا نَوَاهُ تَطَوُّعًا، فَإِذَا جَازَ صَوْمُهُ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ لِاتِّفَاقِنَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجُزْ عَنْ الْفَرْضِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَا نَوَى، فَوَجَبَ بِقَضِيَّةِ قَوْلِهِ " وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى " إنْ يَحْصُلْ لَهُ مَا نَوَى وَإِلَّا فَقَدْ أَلْغَيْنَا حُكْمَ اللَّفْظِ رَأْسًا، وَأَيْضًا مَعْلُومٌ مِنْ فَحْوَى قَوْلِهِ " وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى " مَا يَقْتَضِيهِ نِيَّتُهُ مِنْ ثَوَابِ فَرْضٍ أَوْ فَضِيلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَيَسْتَحِقُّ ذَلِكَ ؛ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ وُقُوعَ الْفِعْلِ ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ حَاصِلٌ مَوْجُودٌ مَعَ وُجُودِ النِّيَّةِ وَعَدَمِهَا وَالنِّيَّةُ هِيَ الَّتِي تُصَرِّفُ أَحْكَامَهُ عَلَى حَسَبِ مُقْتَضَاهَا وَمُوجِبِهَا مِنْ اسْتِحْقَاقِ ثَوَابِ الْفَرْضِ أَوْ الْفَضِيلَةِ أَوْ الْحَمْدِ أَوْ الذَّمِّ إنْ كَانَتْ النِّيَّةُ تَقْتَضِي حَمْدَهُ أَوْ ذَمَّهُ ؛ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ يَخْلُو الْقَوْلُ فِيهَا مِنْ أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ : إمَّا أَنْ يَسْقُطَ اعْتِبَارُ حُكْمِ اللَّفْظِ فِي دَلَالَتِهِ عَلَى جَوَازِ الصَّوْمِ أَوْ بُطْلَانِهِ وَوَجَبَ طَلَبُ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ أَنْ يُسْتَعْمَلَ حُكْمُهُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ مَضْمُونُهُ مِنْ إفَادَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ ثَوَابٍ أَوْ حَمْدٍ أَوْ ذَمٍّ ؛ فَإِذَا وَجَبَ اسْتِعْمَالٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ تَوَجَّهَتْ نِيَّتُهُ إلَى ضَرْبٍ مِنْ الْقُرْبِ، فَوَاجِبٌ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ ذَلِكَ ؛ ثُمَّ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَوَابُهُ مِثْلَ ثَوَابِ نَاوِي الْفَرْضِ أَنْ يَكُونَ أُنْقَصَ مِنْهُ، وَنُقْصَانُ الثَّوَابِ لَا يَمْنَعُ جَوَازَهُ عَنْ الْفَرْضِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ فَيُكْتَبُ لَهُ نِصْفُهَا، رُبْعُهَا، خُمْسُهَا، عُشْرُهَا ﴾ فَأَخْبَرَ بِنُقْصَانِ الثَّوَابِ مَعَ الْجَوَازِ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَعَلُّقِ حُكْمِ اللَّفْظِ