قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ ﴾ رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ :" كَانَ مِنْ الْأَمَانَةِ أَنْ اُؤْتُمِنَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا ".
وَرَوَى نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ ﴾ قَالَ :" الْحَيْضُ وَالْحَبَلُ ".
وَقَالَ عِكْرِمَةُ :" الْحَيْضُ " وَالْحَكَمُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ، أَحَدُهُمَا :" الْحَمْلُ " وَقَالَ الْآخَرُ :" الْحَيْضُ " ؛ وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ اسْتَحْلَفَ امْرَأَةً أَنَّهَا لَمْ تَسْتَكْمِلْ الْحَيْضَ ؛ وَقَضَى بِذَلِكَ عُثْمَانُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَمَّا وَعَظَهَا بِتَرْكِ الْكِتْمَانِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي وُجُودِ الْحَيْضِ أَوْ عَدَمِهِ.
وَكَذَلِكَ فِي الْحَبَلِ ؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ فِي رَحِمِهَا، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهَا فِيهِ مَقْبُولٌ لَمَا وُعِظَتْ بِتَرْكِ الْكِتْمَانِ وَلَا كِتْمَانَ لَهَا، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ " أَنَا حَائِضٌ " لَمْ يَحِلَّ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا، وَأَنَّهَا إذَا قَالَتْ " قَدْ طَهُرْت " حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا.
وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا " أَنْتِ طَالِقٌ إنْ حِضْت " فَقَالَتْ " قَدْ حِضْت " طَلُقَتْ وَكَانَ قَوْلُهَا كَالْبَيِّنَةِ.
وَفَرَّقُوا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ سَائِرِ الشُّرُوطِ إذَا عُلِّقَ بِهَا الطَّلَاقُ، نَحْوَ قَوْلِهِ " إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ كَلَّمْت زَيْدًا " فَقَالُوا : لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهَا الزَّوْجُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَتُصَدَّقُ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ عَلَيْنَا قَبُولَ قَوْلِهَا فِي الْحَيْضِ وَالْحَبَلِ وَفِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَذَلِكَ مَعْنًى يَخُصُّهَا وَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهَا، فَجُعِلَ قَوْلُهَا كَالْبَيِّنَةِ ؛ فَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا تَعَلَّقَ مِنْ الْأَحْكَامِ بِالْحَيْضِ فَقَوْلُهَا مَقْبُولٌ فِيهِ.
وَقَالُوا : لَوْ قَالَ لَهَا " عَبْدِي حَرٌّ إنْ حِضْت " فَقَالَتْ " قَدْ


الصفحة التالية
Icon