الْعِدَّةِ عَلَيْهَا أَنَّ رَجْعَتَهُ صَحِيحَةٌ.
وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ﴾ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ الرَّجْعَةُ صَحِيحَةً إذَا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهِ الضِّرَارِ لَمَا كَانَ ظَالِمًا لِنَفْسِهِ بِفِعْلِهَا.
وَقَدْ دَلَّتْ الْآيَةُ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ إطْلَاقِ لَفْظِ الْعُمُومِ فِي مُسَمَّيَاتٍ ثُمَّ يُعْطَفُ عَلَيْهِ بِحُكْمٍ يَخْتَصُّ بِهِ بَعْضُ مَا انْتَظَمَهُ الْعُمُومُ، فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ اعْتِبَارَ عُمُومِ اللَّفْظِ فِيمَا يَشْمَلُهُ فِي غَيْرِ مَا خُصَّ بِهِ الْمَعْطُوفُ ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ عَامٌّ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَفِيمَا دُونَهَا لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ ﴾ حُكْمٌ خَاصٌّ فِيمَنْ كَانَ طَلَاقُهَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ الِاقْتِصَارَ بِحُكْمِ قَوْله تَعَالَى ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ عَلَى مَا دُونَ الثَّلَاثِ.
وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، نَحْوُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ﴾ وَذَلِكَ عُمُومٌ فِي الْوَالِدَيْنِ الْكَافِرَيْنِ وَالْمُسْلِمَيْنِ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاك عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ ﴾ وَذَلِكَ خَاصٌّ فِي الْوَالِدَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ، فَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ عُمُومَ أَوَّلِ الْخِطَابِ فِي الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ ؛ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.


الصفحة التالية
Icon