الَّذِي يَجُوزُ لَهُ إيقَاعُهُ بِالْأَمْرِ إنَّمَا هُوَ تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ لَا أَكْثَرُ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ " تَزَوَّجْ " أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ تَزَوَّجَ اثْنَتَيْنِ لَمْ يَجُزْ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمَوْلَى " أَرَدْت اثْنَتَيْنِ " وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :" فَلْيُطَلِّقْهَا إنْ شَاءَ " لَمْ يَقْتَضِ إلَّا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً، وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِدَلَالَةٍ.
فَهَذَا الَّذِي قَدَّمْنَاهُ مِنْ دَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى حَظْرِ جَمْعِ الثَّلَاثِ وَالِاثْنَتَيْنِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ وَرَدَ بِمِثْلِهِ اتِّفَاقُ السَّلَفِ، مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً وَهِيَ طَاهِرٌ فِي غَيْرِ جِمَاعٍ، فَإِذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ طَلَّقَهَا أُخْرَى " ؛ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ مِثْلَ ذَلِكَ.
وَرَوَى زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :" مَنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ الَّذِي هُوَ الطَّلَاقُ فَلْيُطَلِّقْ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا رَاجَعَهَا وَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ، وَإِذَا كَانَتْ الثَّانِيَةُ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى فَكَذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ :﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾ وَرَوَى ابْنُ سِيرِينَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ :" لَوْ أَنَّ النَّاسَ أَصَابُوا حَدَّ الطَّلَاقِ مَا نَدِمَ أَحَدٌ عَلَى امْرَأَةٍ يُطَلِّقُهَا وَهِيَ طَاهِرٌ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ أَوْ حَامِلًا قَدْ تَبَيَّنَ حَمْلُهَا، فَإِذَا بَدَا لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا رَاجَعَهَا وَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهَا خَلَّى سَبِيلَهَا ".
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : كُنْت عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ إنَّهُ طَلَّقَ