الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَوْقَعَهُنَّ مَعًا وَقَعَ ؛ إذْ هُوَ مُوقِعٌ لِمَا مَلَكَ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَا سَنَدَهُ حِينَ قَالَ :﴿ أَرَأَيْت لَوْ طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا أَكَانَ لِي أَنْ أُرَاجِعَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا، كَانَتْ تَبِينُ وَيَكُونُ مَعْصِيَةً ﴾ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، ﴿ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا أَرَدْت بِالْبَتَّةِ ؟ قَالَ : وَاحِدَةً، قَالَ : اللَّهَ ؟ قَالَ : اللَّهَ قَالَ : هُوَ عَلَى مَا أَرَدْت ﴾ فَلَوْ لَمْ تَقَعْ الثَّلَاثُ إذَا أَرَادَهَا لَمَا اسْتَحْلَفَهُ بِاَللَّهِ مَا أَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً.
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَقَاوِيلِ السَّلَفِ فِيهِ، وَأَنَّهُ يَقَعُ وَهُوَ مَعْصِيَةٌ ؛ فَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ السَّلَفِ تُوجِبُ إيقَاعَ الثَّلَاثِ مَعًا وَإِنْ كَانَتْ مَعْصِيَةً.
وَذَكَرَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ خَشِنًا، وَكَانَ يَقُولُ : طَلَاقُ الثَّلَاثِ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ تُرَدُّ إلَى الْوَاحِدَةِ ؛ وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ﴿ طَلَّقَ رُكَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَزِيدَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْنًا شَدِيدًا، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ طَلَّقْتهَا ؟ فَقَالَ : طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا ؛ قَالَ : فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ؛ قَالَ : فَإِنَّمَا تِلْكَ وَاحِدَةٌ فَارْجِعْهَا إنْ شِئْت قَالَ : فَرَجَعْتهَا ﴾.
وَبِمَا رَوَى أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ


الصفحة التالية
Icon