اجْتَمَعَا عَلَى فَسْخِ النِّكَاحِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا ".
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ :" إذَا كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْ قِبَلِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْلَعَهَا بِقَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ، وَإِذَا كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْ قِبَلِهَا وَالتَّعْطِيلُ لِحَقِّهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ " وَكَذَلِكَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :" إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَانِعَةً مَا يَجِبُ عَلَيْهَا لِزَوْجِهَا حَلَّتْ الْفِدْيَةُ لِلزَّوْجِ، وَإِذَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسًا عَلَى غَيْرِ فِرَاقٍ حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسًا وَتَأْخُذُ الْفِرَاقَ بِهِ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْخُلْعِ آيَاتٍ، مِنْهَا قَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ فَهَذَا يَمْنَعُ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْهَا إذَا كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهِ، فَلِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا :" لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ شَيْئًا ".
وَقَالَ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى :﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ﴾ فَأَبَاحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْأَخْذَ عِنْدَ خَوْفِهِمَا تَرْكَ إقَامَةِ حُدُودِ اللَّهِ، وَذَلِكَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ بُغْضِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا وَسُوءِ خُلُقِهَا، أَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا، فَيُبَاحُ لَهُ أَخْذُ مَا أَعْطَاهَا وَلَا يَزْدَادُ، وَالظَّاهِرُ يَقْتَضِي جَوَازَ أَخْذِ الْجَمِيعِ وَلَكِنْ مَا زَادَ مَخْصُوصٌ بِالسُّنَّةِ.
وَقَالَ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى :﴿ لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾ قِيلَ فِيهِ : إنَّهُ خِطَابٌ لِلزَّوْجِ وَحُظِرَ بِهِ أَخْذُ شَيْءٍ مِمَّا أَعْطَاهَا إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، قِيلَ


الصفحة التالية
Icon