فَلَوْلَا أَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لَهُ لَمَا جَازَ أَنْ يَتَأَوَّلَ عَلَيْهِ وَفِيهَا النَّدْبُ إلَى التَّرَخُّصِ بِرُخْصَةِ اللَّهِ لِتَأْوِيلِ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِيمَا سَلَفَ وَفِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ آخِرَ اللَّيْلِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ :﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ ﴾ إلَى قَوْلِهِ :﴿ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ ﴾ فَثَبَتَ أَنَّ اللَّيْلَ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَأَنَّ مَا بَعْدَ طُلُوعِهِ فَهُوَ مِنْ النَّهَارِ.
وَفِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى إبَاحَةِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ إلَى أَنْ يَحْصُلَ لَهُ الِاسْتِبَانَةُ وَالْيَقِينُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَنَّ الشَّكَّ لَا يَحْظُرُ عَلَيْهِ ذَلِكَ ؛ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ وُجُودُ الِاسْتِبَانَةِ مَعَ الشَّكِّ ؛ وَهَذَا فِيمَنْ يَصِلُ إلَى الِاسْتِبَانَةِ وَقْتَ طُلُوعِهِ، وَأَمَّا مَنْ لَا يَصِلُ إلَى ذَلِكَ لِسَاتِرٍ أَوْ ضَعْفِ بَصَرِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَغَيْرُ دَاخِلٍ فِي هَذَا الْخِطَابِ لِمَا بَيَّنَّا آنِفًا قَبْلَ هَذَا الْفَصْلِ.