قَالَ :﴿ كُنَّا نَرُدُّ السَّلَامَ فِي الصَّلَاةِ فَنُهِينَا عَنْ ذَلِكَ ﴾.
وَرَوَى إبْرَاهِيمُ الْهِجْرِيُّ عَنْ ابْنِ عِيَاضٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاةِ فَنَزَلَ :﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ﴾.
وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ إنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ﴾.
فَفِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ حَظْرُ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ.
وَلَمْ تَخْتَلِفْ الرُّوَاةُ أَنَّ الْكَلَامَ كَانَ مُبَاحًا فِي الصَّلَاةِ إلَى أَنْ حَظَرَهُ ؛ وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حَظْرِهِ، إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ :( يَجُوزُ فِيهَا لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ ).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ " كَلَامُ السَّهْوِ لَا يُفْسِدُهَا ".
وَلَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ شَيْءٍ مِنْهُ، وَأَفْسَدُوا الصَّلَاةَ بِوُجُودِهِ فِيهَا عَلَى وَجْهِ السَّهْوِ وَقَعَ أَوْ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي تَلَوْنَا مِنْ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي حَظْرِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، مَعَ احْتِمَالِهِ لَهُ لَوْ لَمْ تَرِدْ الرِّوَايَةُ بِسَبَبِ نُزُولهَا، لَيْسَ فِيهَا فَرْقٌ بَيْنَ الْكَلَام الْوَاقِعِ عَلَى وَجْهِ السَّهْوِ وَالْعَمْدِ وَبَيْنَهُ إذَا قُصِدَ بِهِ إصْلَاحُ الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يُقْصَدْ ؛ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَخْبَارِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَظْرِهِ فِيهَا لَمْ يُفَرِّقْ فِيهَا بَيْنَ مَا قُصِدَ بِهِ إصْلَاحُ الصَّلَاةِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ السَّهْوِ وَالْعَمْدِ مِنْهُ، فَهِيَ عَامَّةٌ فِي الْجَمِيعِ.
فَإِنْ قِيلَ : النَّهْيُ عَنْ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ مَقْصُورٌ عَلَى الْعَامِدِ دُونَ النَّاسِي لِاسْتِحَالَةِ نَهْيِ النَّاسِي.
قِيلَ لَهُ : حُكْمُ النَّهْيِ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ عَلَى النَّاسِي كَهُوَ عَلَى الْعَامِدِ.
وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ، فِي الْمَأْثَمِ،


الصفحة التالية
Icon