الصَّلَاةِ.
وَقَالَ أَصْحَابُ مَالِكٍ :( إنَّمَا لَمْ تَفْسُدْ بِهِ الصَّلَاةُ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِإِصْلَاحِهَا ).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :( لِأَنَّهُ وَقَعَ نَاسِيًا ).
فَيُقَالُ لَهُمْ : لَوْ كَانَ حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ بَعْدَ نَسْخِ الْكَلَامِ لَكَانَ مُبِيحًا لِلْكَلَامِ فِيهَا نَاسِخًا لِحَظْرِهِ الْمُتَقَدِّمِ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْهُمْ أَنَّ جَوَازَ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ.
وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ مَنْ نَابَهُ فِي صَلَاتِهِ شَيْءٌ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ، إنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ وَالتَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ ﴾.
وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ ﴾ فَمَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ مِنْ الْكَلَامِ وَأَمَرَ بِالتَّسْبِيحِ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْقَوْمِ تَسْبِيحٌ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَلَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكَهُ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ التَّسْبِيحَ، ؛ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلَّمَهُمْ التَّسْبِيحَ ثُمَّ يُخَالِفُونَهُ إلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانُوا خَالَفُوا مَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ التَّسْبِيحِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ لَظَهَرَ فِيهِ النَّكِيرُ عَلَيْهِمْ فِي تَرْكِهِمْ التَّسْبِيحَ الْمَأْمُورَ بِهِ إلَى الْكَلَامِ الْمَحْظُورِ.
وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ كَانَتْ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ : إمَّا قَبْلَ حَظْرِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ بَعْدَ حَظْرِ الْكَلَامِ بَدِيًّا مِنْهُ ثُمَّ أُبِيحَ الْكَلَامُ ثُمَّ حُظِرَ بِقَوْلِهِ :﴿ التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ ﴾ وَقَدْ كَانَ نَسْخُ الْكَلَامِ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَى مَعْمَرٌ عَنْ


الصفحة التالية
Icon