بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا عَنْهُ }.
وَرُوِيَ عَنْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ فِي الطَّاعُونِ.
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ :﴿ أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ إلَى الشَّامِ، حَتَّى إذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ التُّجَّارُ فَقَالُوا : الْأَرْضُ سَقِيمَةٌ ؛ فَاسْتَشَارَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فَعَزَمَ عَلَى الرُّجُوعِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ : أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرَ : لَوْ غَيْرُك يَقُولُهَا يَا أَبَا عُبَيْدَة، نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إلَى قَدَرِ اللَّهِ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ لَك إبِلٌ فَهَبَطْت بِهَا وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ إحْدَاهُمَا خَصِيبَةٌ وَالْأُخْرَى جَدِيبَةٌ أَلَسْت إنْ رَعَيْت الْخَصِيبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ وَإِنْ رَعَيْت الْجَدِيبَةَ رَعَيْتهَا بِقَدَرِ اللَّهِ ؟ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ : عِنْدِي مِنْ هَذَا عِلْمٌ، سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فِي أَرْضٍ فَلَا تَقْدُمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ وَانْصَرَفَ ﴾.
فَفِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ النَّهْيُ عَنْ الْخُرُوجِ عَنْ الطَّاعُونِ فِرَارًا مِنْهُ وَالنَّهْيُ عَنْ الْهُبُوطِ عَلَيْهِ أَيْضًا.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : إذَا كَانَتْ الْآجَالُ مُقَدَّرَةً مَحْصُورَةً لَا تَتَقَدَّمُ وَلَا تَتَأَخَّرُ عَنْ وَقْتِهَا، فَمَا وَجْهُ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ دُخُولِ أَرْضٍ بِهَا الطَّاعُونُ وَهُوَ قَدْ مَنَعَ الْخُرُوجَ مِنْهَا بَدِيًّا لِأَجْلِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ دُخُولِهَا وَبَيْنَ الْبَقَاءِ فِيهَا ؟ قِيلَ لَهُ : إنَّمَا وَجْهُ النَّهْيِ أَنَّهُ إذَا دَخَلَهَا وَبِهَا الطَّاعُونُ فَجَائِزٌ أَنْ تُدْرِكَهُ مَنِيَّتُهُ وَأَجَلُهُ بِهَا، فَيَقُولُ قَائِلٌ : لَوْ لَمْ يَدْخُلْهَا مَا مَاتَ ؛ فَإِنَّمَا نَهَاهُ عَنْ دُخُولِهَا لِئَلَّا يُقَالَ هَذَا ؛


الصفحة التالية
Icon