قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إلَّا مَنْ اغْتَرَفَ ﴾ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشُّرْبَ مِنْ النَّهْرِ إنَّمَا هُوَ الْكَرْعُ فِيهِ وَوَضْعُ الشَّفَةِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ حُظِرَ الشُّرْبُ وَحُظِرَ الطَّعْمُ مِنْهُ إلَّا لِمَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَة فِيمَنْ قَالَ ( إنْ شَرِبْت مِنْ الْفُرَاتِ فَعَبْدِي حَرٌّ ) أَنَّهُ عَلَى أَنْ يَكْرَعَ فِيهِ، وَإِنْ اغْتَرَفَ مِنْهُ أَوْ شَرِبَ بِإِنَاءٍ لَمْ يَحْنَثْ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ كَانَ حَظَرَ عَلَيْهِمْ الشُّرْبَ مِنْ النَّهْرِ وَحَظَرَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُطْعَمَ مِنْهُ وَاسْتَثْنَى مِنْ الطَّعْمِ الِاغْتِرَافَ، فَحَظْرُ الشُّرْبِ بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاغْتِرَافَ لَيْسَ بِشُرْبٍ مِنْهُ.