يَمُنُّ بِهَا، فَنَهَاهُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ : لِيَحْمَدْ اللَّهَ إذْ هَدَاهُ لِلصَّدَقَةِ.
وَعَنْ الْحَسَنِ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ قَالَ :( يَتَثَبَّتُونَ أَيْنَ يَضَعُونَ أَمْوَالَهُمْ ) وَعَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ :( تَصْدِيقًا وَيَقِينًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ).
وَقَالَ قَتَادَةُ :( ثِقَةً مِنْ أَنْفُسِهِمْ ).
وَالْمَنُّ فِي الصَّدَقَةِ أَنْ يَقُولَ الْمُتَصَدِّقُ : قَدْ أَحْسَنْت إلَى فُلَانٍ وَنَعَشْتُهُ وَأَغْنَيْتُهُ ؛ فَذَلِكَ يُنَغِّصُهَا عَلَى الْمُتَصَدَّقِ بِهَا عَلَيْهِ.
وَالْأَذَى قَوْلُهُ : أَنْتَ أَبَدًا فَقِيرٌ وَقَدْ بُلِيت بِك وَأَرَاحَنِي اللَّهُ مِنْك ؛ وَنَظِيرُهُ مِنْ الْقَوْلِ الَّذِي فِيهِ تَعْيِيرٌ لَهُ بِالْفَقْرِ فَقَالَ تَعَالَى :﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ﴾ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ : رَدًّا جَمِيلًا وَمَغْفِرَةً قِيلَ فِيهَا سَتْرُ الْخُلَّةِ عَلَى السَّائِلِ، وَقِيلَ الْعَفْوُ عَمَّنْ ظَلَمَهُ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْمَأْثَمَ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى وَرَدِّ السَّائِلِ بِقَوْلٍ جَمِيلٍ فِيهِ السَّلَامَةُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ ؛ فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ تَرْكَ الصَّدَقَةِ بِرَدٍّ جَمِيلٍ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَامْتِنَانٌ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمْ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا ﴾ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.