).
وَرَوَى غَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ ( أَنَّهُ لَا يُعْطَى مَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا ).
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ :( لَا يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مَنْ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا ).
وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ :( مَنْ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ مَا يَقُوتُهُ أَوْ يَكْفِيهِ سَنَةً فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْ الصَّدَقَةِ ).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :( يُعْطَى الرَّجُلُ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ حَتَّى يُخْرِجَهُ ذَلِكَ مِنْ حَدِّ الْفَقْرِ إلَى حَدِّ الْغِنَى كَانَ ذَلِكَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَوْ لَا تَجِبُ، وَلَا أَحُدُّ فِي ذَلِكَ حَدًّا ) ذَكَرَهُ الْمُزَنِيّ وَالرَّبِيعُ ؛ وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْقَوِيِّ الْمُكْتَسِبِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ اعْتِبَارِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَاضِلًا عَمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مَا رَوَى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ :﴿ مَنْ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ وَمَنْ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ سَأَلَ النَّاسَ وَلَهُ عِدْلُ خَمْسِ أَوَاقٍ سَأَلَ إلْحَافًا ﴾ فَدَلَّ ذِكْرُهُ لِهَذَا الْمِقْدَارِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ مِنْ حَدِّ الْفَقْرِ إلَى الْغِنَى وَيُوجِبُ تَحْرِيمَ الْمَسْأَلَةِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ أُمِرْت أَنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ فَأَرُدَّهَا عَلَى فُقَرَائِكُمْ ثُمَّ قَالَ : فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَهَا شَيْءٌ ﴾ فَجَعَلَ حَدَّ الْغِنَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَوَجَبَ اعْتِبَارُهَا دُونَ غَيْرِهَا ؛ وَدَلَّ عَلَى أَنَّ الَّذِي لَا يَمْلِكُ هَذَا الْقَدْرَ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ النَّاسَ صِنْفَيْنِ : أَغْنِيَاءَ وَفُقَرَاءَ، فَجَعَلَ الْغَنِيَّ مَنْ مَلَكَ هَذَا الْمِقْدَارَ وَأَمَرَ بِأَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْهُ، وَجَعَلَ الْفَقِيرَ الَّذِي يُرَدُّ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي لَا يَمْلِكُ هَذَا الْقَدْرَ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو كَبْشَةَ


الصفحة التالية
Icon