مُرَابَحَةً بِأَلْفٍ حَالَّةٍ حَتَّى يُبَيِّنَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ ؟ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَجَلَ الْمَشْرُوطَ فِي الْعَقْدِ يُوجِبُ نَقْصًا فِي الثَّمَنِ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ نُقْصَانِ الْوَزْنِ فِي الْحُكْمِ ؛ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالتَّشْبِيهُ بَيْنَ الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا صَحِيحٌ لَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ هَذَا السُّؤَالُ.
وَيَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ التَّأْجِيلِ فِيهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ ﴾ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ، فَهُوَ عَلَى الْجَمِيعِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَرْضَ لَمَّا كَانَ تَبَرُّعًا لَا يَصِحُّ إلَّا مَقْبُوضًا، أَشْبَهَ الْهِبَةَ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ التَّأْجِيلُ كَمَا لَا يَصِحُّ فِي الْهِبَةِ.
وَقَدْ أَبْطَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّأْجِيلَ فِيهَا بِقَوْلِهِ :﴿ مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ فَأَبْطَلَ التَّأْجِيلَ الْمَشْرُوطَ فِي الْمِلْكِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ قَرْضَ الدَّرَاهِمِ عَارِيَّتُهَا وَعَارِيَّتُهَا قَرْضُهَا ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ ؛ إذْ لَا يَصِلُ إلَيْهَا إلَّا بِاسْتِهْلَاكِ عَيْنِهَا ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا :" إذَا أَعَارَهُ دَرَاهِمَ فَإِنَّ ذَلِكَ قَرْضٌ " وَلِذَلِكَ لَمْ يُجِيزُوا اسْتِئْجَارَ الدَّرَاهِمِ ؛ لِأَنَّهَا قَرْضٌ، فَكَأَنَّهُ اسْتَقْرَضَ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْهَا ؛ فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ الْأَجَلُ فِي الْعَارِيَّةِ لَمْ يَصِحَّ فِي الْقَرْضِ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَرْضَ الدَّرَاهِمِ عَارِيَّةٌ حَدِيثُ إبْرَاهِيمَ الْهِجْرِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ تَدْرُونَ أَيُّ الصَّدَقَةِ خَيْرٌ ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : خَيْرُ الصَّدَقَةِ الْمِنْحَةُ أَنْ تَمْنَحَ أَخَاك الدَّرَاهِمَ، أَوْ ظَهْرَ الدَّابَّةِ، أَوْ لَبَنَ الشَّاةِ ﴾ وَالْمِنْحَةُ هِيَ الْعَارِيَّةُ ؛ فَجَعَلَ قَرْضَ الدَّرَاهِمِ عَارِيَّتَهَا ؛ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ فِي


الصفحة التالية
Icon