الْأَقْرِبَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَيْتَ الِابْنِ وَلَا ابْنِ الِابْنِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ :﴿ مِنْ بُيُوتِكُمْ ﴾ قَدْ اقْتَضَى ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ :﴿ أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك ﴾ فَأَضَافَ إلَيْهِ مِلْكَ الِابْنِ كَمَا أَضَافَ إلَيْهِ بَيْتَ الِابْنِ وَاقْتَصَرَ عَلَى إضَافَةِ الْبُيُوتِ إلَيْهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بُيُوتَ الِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ، أَنَّهُ قَدْ كَانَ مَعْلُومًا قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ غَيْرُ مَحْظُورٍ عَلَيْهِ مَالُ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ لَا وَجْهَ لِقَوْلِ الْقَائِلِ : لَا جُنَاحَ عَلَيْك فِي أَكْلِ مَالِ نَفْسِك ؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ :﴿ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ﴾ هِيَ بُيُوتُ الْأَبْنَاءِ وَأَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ ؛ إذْ لَمْ يَذْكُرْهُمَا جَمِيعًا كَمَا ذَكَرَ سَائِرَ الْأَقْرِبَاءِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ مُوجِبُو النَّفَقَةِ عَلَى الْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا :( هِيَ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْ الصَّبِيِّ إذَا كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، وَلَا نَفَقَةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ وَارِثًا ).
وَلِذَلِكَ أَوْجَبُوا النَّفَقَةَ عَلَى الْخَالِ وَالْمِيرَاثَ لِابْنِ الْعَمِّ ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْعَمِّ لَيْسَ بِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَالْخَالُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا فِي هَذِهِ الْحَالِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ وَارِثًا فِي حَالِ الْحَيَاةِ ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَكُونُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَبَعْدَ الْمَوْتِ لَا يُدْرَى مَنْ يَرِثُهُ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الصَّبِيُّ يَرِثُ هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ النَّفَقَةُ بِمَوْتِهِ قَبْلَهُ، وَجَائِزٌ أَنْ يَحْدُثَ لَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ مِنْ يَحْجُبُ مَنْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ.
وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حُصُولَ الْمِيرَاثِ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى :( النَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ وَارِثٍ، ذَا رَحِمٍ