أَنَّ السَّفَهَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ يَنْطَوِي تَحْتَهُ مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٌ، مِنْهَا : مَا ذَكَرْنَا مِنْ السَّفَهِ فِي الدِّينِ، وَذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْحَجْرَ لِأَنَّ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ سُفَهَاءُ وَهُمْ غَيْرُ مُسْتَحِقِّينَ لِلْحَجْرِ فِي أَمْوَالِهِمْ.
وَمِنْهَا : السَّفَهُ الَّذِي هُوَ الْبِذَاءُ وَالتَّسَرُّعُ إلَى سُوءِ اللَّفْظِ، وَقَدْ يَكُونُ السَّفِيهُ بِهَذَا الضَّرْبِ مِنْ السَّفَهِ مُصْلِحًا لِمَالِهِ غَيْرَ مُفْسِدِهِ وَلَا مُبَذِّرِهِ ؛ وَقَالَ تَعَالَى :﴿ إلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : يُرِيدُ أَهْلَكَهَا وَأَوْبَقَهَا.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حِينَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إنِّي أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ رَأْسِي دَهِينًا وَقَمِيصِي غَسِيلًا وَشِرَاكُ نَعْلِي جَدِيدًا، أَفَمِنْ الْكِبْرِ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لَا إنَّمَا الْكِبْرُ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ وَغَمَطَ النَّاسَ ﴾ وَهَذَا يُشْبِهُ أَنْ يُرِيدَ : مَنْ جَهِلَ الْحَقَّ لِأَنَّ الْجَهْلَ يُسَمَّى سَفَهًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.


الصفحة التالية
Icon