سَوَّى بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَذْكُرْ تَزْوِيجًا ؛ وَإِذَا حَجَرَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ فِي سَفَهِهِ وَإِفْسَادِهِ مَالِهِ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ، فَمَنْ بَايَعَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ فَهُوَ الْمُتْلِفُ لِمَالِهِ، وَمَتَى أُطْلِقَ عَنْهُ الْحَجْرُ ثُمَّ عَادَ إلَى حَالِ الْحَجْرِ حُجِرَ عَلَيْهِ، وَمَتَى رَجَعَ إلَى حَالِ الْإِطْلَاقِ أُطْلِقَ عَنْهُ ).
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ بَيَّنَّا مَا احْتَجَّ بِهِ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْ مُبْطِلِي الْحَجْرِ وَمِنْ مُثْبِتِيهِ مِنْ دَلَالَةِ آيَةِ الدَّيْنِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ دَلَالَتِهَا بُطْلَانُ الْحَجْرِ وَجَوَازُ التَّصَرُّفِ.
وَاحْتَجَّ مُثْبِتُو الْحَجْرِ بِمَا رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ :" أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ أَتَى الزُّبَيْرَ فَقَالَ : إنِّي ابْتَعْت بَيْعًا ثُمَّ إنَّ عَلِيًّا يُرِيدُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيَّ.
فَقَالَ الزُّبَيْرُ : فَإِنِّي شَرِيكُك فِي الْبَيْعِ فَأَتَى عَلِيٌّ عُثْمَانَ فَسَأَلَهُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ : أَنَا شَرِيكُهُ فِي هَذَا الْبَيْعِ، فَقَالَ عُثْمَانُ : كَيْفَ أَحْجُرُ عَلَى رَجُلٍ شَرِيكُهُ الزُّبَيْرُ " قَالُوا : فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ جَمِيعًا قَدْ رَأَوْا الْحَجْرَ جَائِزًا، وَمُشَارَكَةُ الزُّبَيْرِ لِيَدْفَعَ الْحَجْرَ عَنْهُ، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ ظَهَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ عَلَيْهِمْ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَا دَلَالَةَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الزُّبَيْرَ رَأَى الْحَجْرَ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى تَسْوِيغِهِ لِعُثْمَانَ الْحَجْرَ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مُوَافَقَتِهِ إيَّاهُ فِيهِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا حُكْمُ سَائِرِ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحَجْرَ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدِهِمَا : الْحَجْرِ فِي مَنْعِ التَّصَرُّفِ وَالْإِقْرَارِ، وَالْآخَرِ : فِي الْمَنْعِ مِنْ الْمَالِ ؛ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْحَجْرُ الَّذِي رَآهُ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ هُوَ الْمَنْعُ مِنْ مَالِهِ ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ لَا يَكُونَ سِنُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ


الصفحة التالية
Icon