مِنْ التَّصَرُّفِ ) وَلَا يَرَوْنَ إطْلَاقَ التَّصَرُّفِ لَهُ مَعَ التَّقْدِمَةِ إلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْبَيْعِ ( لَا خِلَابَةَ ) وَمُبْطِلُو الْحَجْرِ يُجِيزُونَ تَصَرُّفَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَحْوَالِ فَقَدْ ثَبَتَ بِدَلَالَةِ هَذَا الْخَبَرِ بُطْلَانُ الْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا.
وَأَيْضًا فَإِنْ جَازَتْ الثِّقَةُ بِهِ فِي ضَبْطِ هَذَا الشَّرْطِ وَذَكَرَهُ عِنْدَ سَائِرِ الْمُبَايَعَاتِ فَقَدْ تَجُوزُ الثِّقَةُ بِهِ فِي ضَبْطِ عُقُودِ الْمُبَايَعَاتِ وَنَفْيِ الْمُغَابَنَاتِ عَنْهَا.
وَاللَّفْظُ الَّذِي فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنْ قَوْلِهِ :﴿ إذَا بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ ﴾ يَسْتَقِيمُ عَلَى مَذْهَبِ مُحَمَّدٍ، فَإِنَّهُ يَقُولُ :( إنَّ السَّفِيهَ إذَا بَلَغَ فَرُفِعَ أَمْرُهُ إلَى الْحَاكِمِ أَجَازَ مِنْ عُقُودِهِ مَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ مُغَابَنَةٌ وَضَرَرٌ ) فَأَمَّا سَائِرُ مَنْ يَرَى الْحَجْرَ فَإِنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَذْهَبَ مُحَمَّدٍ أَيْضًا مُخَالِفٌ لِلْأَثَرِ ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا لَا يُجِيزُ بَيْعَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُرْفَعَ إلَى الْقَاضِي فَيُجِيزَهُ فَيَجْعَلَهُ بَيْعًا مَوْقُوفًا كَبَيْعِ أَجْنَبِيٍّ لَوْ بَاعَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَالنَّبِيُّ ؟ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَلْ بَيْعَ الرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لَهُ :﴿ إذَا بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ ﴾ مَوْقُوفًا، بَلْ جَعَلَهُ جَائِزًا نَافِذًا إذَا قَالَ :( لَا خِلَابَةَ ) فَصَارَ مَذْهَبُ مُثْبِتِي الْحَجْرِ مُخَالِفًا لِهَذَا الْأَثَرِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَإِنَّهُ يَحْتَجُّ بِهِ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا ؛ فَأَمَّا مُثْبِتُو الْحَجْرِ فَإِنَّهُمْ يَحْتَجُّونَ بِأَنَّ أَهْلَهُ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : يَا نَبِيَّ اللَّهِ اُحْجُرْ عَلَى فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَبْتَاعُ وَفِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِمْ، بَلْ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ ؛ وَلَمَّا قَالَ ( لَا أَصْبِرُ عَنْ الْبَيْعِ ) قَالَ :﴿ إذَا بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ ﴾ فَأَطْلَقَ لَهُ الْبَيْعَ عَلَى شَرِيطَةِ نَفْيِ التَّغَابُنِ فِيهِ.


الصفحة التالية
Icon