شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفَ شَهَادَةِ الرَّجُلِ وَمِيرَاثُهَا نِصْفَ مِيرَاثِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ رَأْسًا أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ ؛ لِأَنَّا وَجَدْنَا لِنُقْصَانِ الْمِيرَاثِ تَأْثِيرًا فِي نُقْصَانِ الشَّهَادَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ نَفْيُ الْمِيرَاثِ مُوجِبًا لِنَفْيِ الشَّهَادَةِ.
وَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي جَوَازِ شَهَادَةِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ، وَلَوْ صَحَّ كَانَ مَخْصُوصًا فِي الْعَبْدِ إذَا شَهِدَ عَلَى الْعَبْدِ ؛ وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْحُرَّ سَوَاءٌ فِيمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ.
فَإِنْ قِيلَ : لَمَّا كَانَ خَبَرُ الْعَبْدِ مَقْبُولًا إذَا رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ رِقُّهُ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ خَبَرِهِ كَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ.
قِيلَ لَهُ : لَيْسَ الْخَبَرُ أَصْلًا لِلشَّهَادَةِ فَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُهَا بِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ مَقْبُولٌ فِي الْأَحْكَامِ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ فِيهَا ؟ وَأَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ وَلَا يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ إلَّا عَلَى جِهَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ ؟ وَأَنَّهُ يَجُوزُ قَبُولُ خَبَرِهِ إذَا قَالَ ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ وَالسَّمَاعِ وَالْمُعَايَنَةِ لِمَا يَشْهَدُ بِهِ ؟ فَإِنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ مُتَسَاوِيَانِ فِي الْأَخْبَارِ مُخْتَلِفَانِ فِي الشَّهَادَةِ لِأَنَّ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَخَبَرُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ سَوَاءٌ، فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِقَبُولِ خَبَرِ الْعَبْدِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ :( لَوْ أَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ بِشَهَادَةِ عَبْدٍ ثُمَّ رَفَعَ إلَيَّ أَبْطَلْت حُكْمَهُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى بُطْلَانِهِ ).


الصفحة التالية
Icon