يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ وَكَانَ فِي الثَّدْيِ قَبْلَ الْفِطَامِ ) فَعَلَّقَ الْحُكْمَ بِمَا كَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ وَبِمَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ، وَهُوَ نَحْوُ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ :( إنَّمَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ ).
فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَذْهَبِهِمْ اعْتِبَارُ الْحَوْلَيْنِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا :( لَا رَضَاعَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ ) وَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ ﴾ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالْحَوْلَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَوْلَانِ تَوْقِيتًا لَمَا قَالَ :﴿ الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ ﴾ وَلَقَالَ : الرَّضَاعَةُ فِي الْحَوْلَيْنِ، فَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْ الْحَوْلَيْنِ وَذَكَرَ الْمَجَاعَةَ وَمَعْنَاهَا أَنَّ اللَّبَنَ إذَا كَانَ يَسُدُّ جَوْعَتَهُ وَيَقْوَى عَلَيْهِ بَدَنُهُ فَالرَّضَاعَةُ فِي تِلْكَ الْحَالِ، وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَاقْتَضَى ظَاهِرُ ذَلِكَ صِحَّةَ الرَّضَاعِ الْمُوجِبِ لِلتَّحْرِيمِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ.
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ ﴾ وَذَلِكَ يُوجِبُ أَنَّهُ إذَا فُصِلَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ أَنْ يَنْقَطِعَ حُكْمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ الرَّضَاعَةُ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَأَنْشَزَ الْعَظْمَ ﴾ دَلَالَتُهُ عَلَى نَفْيِ تَوْقِيتِ الْحَوْلَيْنِ بِمُدَّةِ الرَّضَاعِ لِدَلَالَةِ الْأَخْبَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
وَقَدْ حُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُ :( لَسْت أَثِقُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ فِيهِ ) وَهُوَ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ فَإِنْ وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَرَضَاعُهُ حَوْلَانِ كَامِلَانِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا، وَإِنْ


الصفحة التالية
Icon