يُؤَدِّيهَا إلَى السُّلْطَانِ وَيُعْلِمُهُ لِيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ ).
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ :( إذَا ذَكَرَ أَنَّهُ شَهِدَ وَلَا يَذْكُرُ عَدَدَ الدَّرَاهِمِ فَإِنَّهُ لَا يَشْهَدُ وَإِنْ كَتَبَهَا عِنْدَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ إلَّا أَنَّهُ يَعْرِفُ الْكِتَابَ، فَإِنَّهُ إذَا ذَكَرَ أَنَّهُ شَهِدَ وَأَنَّهُ قَدْ كَتَبَهَا فَأَرَى أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْكِتَابِ ).
وَقَالَ اللَّيْثُ :( إذَا عَرَفَ أَنَّهُ خَطُّ يَدِهِ وَكَانَ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ إلَّا بِحَقٍّ فَلْيَشْهَدْ ).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :( إذَا ذَكَرَ إقْرَارَ الْمُقِرِّ حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِ أَثْبَتَهُ فِي دِيوَانِهِ أَوْ لَمْ يُثْبِتْهُ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلدِّيوَانِ إلَّا الذِّكْرُ ).
وَقَالَ فِي كِتَابِ الْمُزَنِيّ :( إنَّهُ لَا يَشْهَدُ حَتَّى يَذْكُرَ ).
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ ذَكَرْنَا دَلَالَةَ قَوْله تَعَالَى :﴿ أَنْ تَضِلَّ إحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ﴾ وَدَلَالَةُ قَوْله تَعَالَى بَعْدَ ذِكْرِ الْكِتَابِ :﴿ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا ﴾ عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ جَوَازِ إقَامَةِ الشَّهَادَةِ ذِكْرَ الشَّاهِدِ لَهَا، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ فِيهَا عَلَى الْخَطِّ ؛ إذْ الْخَطُّ وَالْكِتَابُ مَأْمُورٌ بِهِ لِتَذْكُرَ بِهِ الشَّهَادَةَ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى :﴿ إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْهَا فَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِهَا ؛ وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ إذَا رَأَيْت مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا فَدَعْ ﴾ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ سَنَدِهِ.
وَأَمَّا الْخَطُّ فَقَدْ يُزَوَّرُ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُشْتَبَهُ عَلَى الشَّاهِدِ فَيَظُنُّ أَنَّهُ خَطُّهُ وَلَيْسَ خَطَّهُ.
وَلَمَّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ مِنْ مُشَاهَدَةِ الشَّيْءِ وَحَقِيقَةِ الْعِلْمِ بِهِ، فَمَنْ لَا يَذْكُرُ الشَّهَادَةَ فَهُوَ بِخِلَافِ هَذِهِ الصِّفَةِ، فَلَا تَجُوزُ لَهُ إقَامَةُ


الصفحة التالية
Icon