عَلَيْهِ نُقْصَانَهُ وَالدَّيْنُ بِحَالِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَأَمَّا قَوْلُهُ :( لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ ) فَإِنَّ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ وَطَاوُسًا ذَكَرَا جَمِيعًا أَنَّهُمْ كَانَا يَرْهَنُونَ وَيَقُولُونَ : إنْ جِئْتُك بِالْمَالِ إلَى وَقْتِ كَذَا وَإِلَّا فَهُوَ لَك ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ ﴾.
وَتَأَوَّلَهُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَالِكٌ وَسُفْيَانُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ :" لَا يَجُوزُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنْ يُقَالَ لِلرَّهْنِ إذَا ضَاعَ : قَدْ غَلِقَ الرَّهْنُ، إنَّمَا يُقَالَ غَلِقَ، إذَا اسْتَحَقَّهُ الْمُرْتَهِنُ فَذَهَبَ بِهِ ؛ وَهَذَا كَانَ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَبْطَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ ﴿ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ ﴾ ".
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ : إنَّهُمْ يَقُولُونَ غَلِقَ الرَّهْنُ إذَا ذَهَبَ بِغَيْرِ شَيْءٍ ؛ قَالَ زُهَيْرٌ : وَفَارَقْتُك بِرَهْنٍ لَا فِكَاكَ لَهُ يَوْمَ الْوَدَاعِ فَأَمْسَى رَهْنُهَا غَلَقَا يَعْنِي : ذَهَبَتْ بِقَلْبِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ.
وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى : فَهَلْ يَمْنَعُنِي ارْتِيَادُ الْبِلَادِ مِنْ حَذَرِ الْمَوْتِ أَنْ يَأْتِينِ عَلَيَّ رَقِيبٌ لَهُ حَافِظٌ فَقَلَّ فِي امْرِئٍ غَلْقُ مُرْتَهَنِ فَقَالَ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي :( فَقَلَّ فِي امْرِئٍ غَلْقُ مُرْتَهِنِ ) يَعْنِي أَنَّهُ يَمُوتُ فَيَذْهَبُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ.
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ :﴿ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ ﴾ يَنْصَرِفُ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدِهِمَا إنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ الْمُرْتَهِنُ بِالدَّيْنِ عِنْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ، وَالثَّانِي : عِنْدَ الْهَلَاكِ لَا يَذْهَبُ بِغَيْرِ شَيْءٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :( لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ ) فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَدْرَجَهُ فِي الْحَدِيثِ بَعْضُ الرُّوَاةِ، وَفَصَلَهُ بَعْضُهُمْ وَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا مَا تَأَوَّلَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ لَهُ زِيَادَتَهُ وَعَلَيْهِ نُقْصَانَهُ ؛ فَإِنَّهُ


الصفحة التالية
Icon