الْمَطْلُوبِ فِي الْحَالِ الَّتِي لَمْ يُؤْتَمَنْ فِيهَا حَتَّى اسْتَوْثَقَ مِنْهُ بِالْكِتَابِ وَالْإِشْهَادِ، وَهُوَ فَإِنَّمَا زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ حِينَ أَخَذَ الرَّهْنَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الطَّالِبِ، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَبَنَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ وَأَنَّ الرَّهْنَ تَوَثُّقٌ كَمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ تَوَثُّقٌ فَقَامَ الرَّهْنُ مَقَامَ الشَّهَادَةِ.
وَلَيْسَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَعْنَى مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ فِي شَيْءٍ، وَإِنَّا كُنَّا قَدْ دَلَلْنَا عَلَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ قِيَاسٌ وَرَدَ لِمَسْأَلَةِ الرَّهْنِ إلَى مَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَمْ يُؤْتَمَنْ فِي الْحَالَيْنِ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ ؛ وَهُوَ قِيَاسٌ بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ : أَحَدِهَا : أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ يَرُدُّهُ، وَهُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ.
وَالثَّانِي : أَنَّهُ مُنْتَقَضٌ بِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَأَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَطْلُوبِ فِيمَا يَلْزَمُهُ وَلَمْ يَكُنْ عَدَمُ الِائْتِمَانِ بِأَخْذِهِ الْكَفِيلَ مُوجِبًا لِتَصْدِيقِ الطَّالِبِ مَعَ وُجُودِ عِلَّتِهِ فِيهِ فَانْتَقَضَتْ عِلَّتُهُ بِالْكَفَالَةِ.
وَالثَّالِثِ : أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجَلِهِ لَمْ يُصَدَّقْ الطَّالِبُ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ، أَنَّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ مَقْبُولَةٌ مَحْكُومٌ فِيهَا وَهُمْ قَدْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرَهُ وَبِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فَصَارَ كَإِقْرَارِهِ عِنْدَ الْقَاضِي.
بِالزِّيَادَةِ ؛ وَلَا دَلَالَةَ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ بِمِقْدَارِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَرْهَنَ بِالْقَلِيلِ الْكَثِيرَ وَبِالْكَثِيرِ الْقَلِيلَ وَلَا تُنْبِئُ قِيمَةُ الرَّهْنِ عَنْ مِقْدَارِ الدَّيْنِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ الرَّهْنُ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ وَيَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قِيَاسِهِ هَذَا أَنَّهُمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ أَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ لَمْ


الصفحة التالية
Icon