أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ } فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ إنَّمَا نَهَى عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ لِنَفْيِ الِاخْتِلَافِ وَالْعَدَاوَةِ وَلِمَا فِي ارْتِكَابِهَا مِنْ الصَّدِّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ، فَمَنْ تَأَدَّبَ بِأَدَبِ اللَّهِ وَانْتَهَى إلَى أَوَامِرِهِ وَانْزَجَرَ بِزَوَاجِرِهِ حَازَ صَلَاحَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾.
وَفِي هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ فِيهَا بِالْكِتَابِ وَالْإِشْهَادِ عَلَى الدَّيْنِ وَالْعُقُودِ وَالِاحْتِيَاطُ فِيهَا تَارَةً بِالشَّهَادَةِ وَتَارَةً بِالرَّهْنِ، دَلَالَةٌ عَلَى وُجُوبِ حِفْظِ الْمَالِ وَالنَّهْيِ عَنْ تَضْيِيعِهِ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا ﴾ وَقَوْلِهِ :﴿ وَاَلَّذِينَ إذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ وَقَوْلِهِ :﴿ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ﴾ الْآيَةَ.
فَهَذِهِ الْآيُ دَلَالَةٌ عَلَى وُجُوبِ حِفْظِ الْمَالِ وَالنَّهْيِ عَنْ تَبْذِيرِهِ وَتَضْيِيعِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ حَدَّثَنَا بَعْضُ مَنْ لَا أَتَّهِمُ فِي الرِّوَايَةِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا مُسَدِّدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ إضَاعَةَ الْمَالِ وَلَا قِيلَ وَلَا قَالَ ﴾.
وَحَدَّثَنَا مَنْ لَا أَتَّهِمُ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَسَنٌ الْجُعْفِيُّ