قَوْله تَعَالَى :﴿ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾ هُوَ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إلَّا عَلَيْهَا ﴾ وَقَوْلِهِ :﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ﴾ وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ فَأَحْكَامُ أَفْعَالِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَأَنَّ أَحَدًا لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا يُؤَاخَذُ بِجَرِيرَةِ سِوَاهُ ؛ وَكَذَلِكَ ﴿ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي رِمْثَةَ حِينَ رَآهُ مَعَ ابْنِهِ فَقَالَ : هَذَا ابْنُك ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : إنَّك لَا تَجْنِي عَلَيْهِ وَلَا يَجْنِي عَلَيْك ﴾.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا يُؤَاخَذُ أَحَدٌ بِجَرِيرَةِ أَبِيهِ وَلَا بِجَرِيرَةِ أَخِيهِ ﴾ فَهَذَا هُوَ الْعَدْلُ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِي الْعُقُولِ غَيْرُهُ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾ يُحْتَجُّ بِهِ فِي نَفْيِ الْحَجْرِ وَامْتِنَاعِ تَصَرُّفِ أَحَدٍ مِنْ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى سِوَاهُ بِبَيْعِ مَالٍ أَوْ مَنْعِهِ مِنْهُ إلَّا مَا قَامَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى خُصُوصِهِ.
وَيُحْتَجُّ بِهِ فِي بُطْلَانِ مَذْهَبِ مَالِك بْنِ أَنَسٍ فِي أَنَّ مَنْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا جَعَلَ كَسْبَهُ لَهُ وَعَلَيْهِ وَمَنَعَ لُزُومَهُ غَيْرَهُ.