وَاخْتَلَفُوا فِي عِدَّةِ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْحَاءٍ : فَقَالَ عَلِيٌّ وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ :( عِدَّتُهَا أَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ ).
وَقَالَ عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِي آخَرِينَ :( عِدَّتُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا ).
وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ ( أَنَّ عِدَّتَهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا وَتَطْهُرَ مِنْ نِفَاسِهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ وَهِيَ تَرَى الدَّمَ ).
وَأَمَّا عَلِيٌّ فَإِنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾ يُوجِبُ الشُّهُورَ، وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ يُوجِبُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ ؛ فَجَمَعَ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ فِي إثْبَاتِ حُكْمِهِمَا لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَجَعَلَ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا أَبْعَدَ الْأَجَلَيْنِ مِنْ وَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ مُضِيِّ الشُّهُورِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ :" مَنْ شَاءَ بَاهَلْته أَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ نَزَلَ بَعْدَ قَوْلِهِ :﴿ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾.
فَحَصَلَ بِمَا ذَكَرْنَا اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ ﴾ عَامٌّ فِي الْمُطَلَّقَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَإِنْ كَانَ مَذْكُورًا عَقِيبَ ذِكْرِ الطَّلَاقِ، لِاعْتِبَارِ الْجَمِيعِ بِالْحَمْلِ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا جَمِيعًا :( إنَّ مُضِيَّ الشُّهُورِ لَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا ) فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ مُسْتَعْمَلًا عَلَى مُقْتَضَاهُ وَمُوجِبِهِ وَغَيْرُ جَائِزٍ اعْتِبَارُ الشُّهُورِ مَعَهُ.
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ خَاصَّةً فِي غَيْرِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ قَوْله تَعَالَى :{ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ