قَوْله تَعَالَى :﴿ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إبْرَاهِيمَ ﴾ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : الْآيَةُ فِي مَقَامِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ قَدَمَيْهِ دَخَلَتَا فِي حَجَرٍ صَلْدٍ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ دَلَالَةً وَآيَةً عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَعَلَى صِحَّةِ نُبُوَّةِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَمِنْ الْآيَاتِ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَمْنِ الْوَحْشِ، وَأُنْسِهِ فِيهِ مَعَ السِّبَاعِ الضَّارِيَةِ الْمُتَعَادِيَةِ، وَأَمْنِ الْخَائِفِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِيهِ ﴿ وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ﴾ وَإِمْحَاقِ الْجِمَارِ عَلَى كَثْرَةِ الرَّامِي مِنْ لَدُنْ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى يَوْمِنَا هَذَا مَعَ أَنَّ حَصَى الْجِمَارِ إنَّمَا تُنْقَلُ إلَى مَوْضِعِ الرَّمْيِ مِنْ غَيْرِهِ، وَامْتِنَاعِ الطَّيْرِ مِنْ الْعُلُوِّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَطِيرُ حَوْلَهُ لَا فَوْقَهُ، وَاسْتِشْفَاءِ الْمَرِيضِ مِنْهَا بِهِ، وَتَعْجِيلِ الْعُقُوبَةِ لِمَنْ انْتَهَكَ حُرْمَتَهُ، وَقَدْ كَانَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ جَارِيَةً، وَمِنْ إهْلَاكِ أَصْحَابِ الْفِيلِ لَمَّا قَصَدُوا لَإِخْرَابِهِ بِالطَّيْرِ الْأَبَابِيلِ.
فَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ آيَاتِ الْحَرَمِ سِوَى مَا لَا نُحْصِيهِ مِنْهَا، وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيْتِ هُنَا الْحَرَمُ كُلُّهُ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ مَوْجُودَةٌ فِي الْحَرَمِ، وَمَقَامُ إبْرَاهِيمَ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ إنَّمَا هُوَ خَارِجَ الْبَيْتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.