وَاخْتُلِفَ فِي الْعَبْدِ إذَا حَجَّ هَلْ يُجْزِيهِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا :" لَا يُجْزِيهِ ".
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :" يُجْزِيهِ ".
وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى رَبِيعَةَ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ ثُمَّ لَمْ يَحُجَّ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ :{ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ ﴾ } ؛ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ شَرْطَ لُزُومِ الْحَجِّ مِلْكُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا فَلَيْسَ هُوَ إذًا مِنْ أَهْلِ الْخِطَابِ بِالْحَجِّ.
وَسَائِرُ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِاسْتِطَاعَةِ أَنَّهَا الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ هِيَ عَلَى مِلْكِهِمَا عَلَى مَا بُيِّنَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَأَيْضًا فَمَعْلُومٌ مِنْ مُرَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَرْطِهِ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُسْتَطِيعِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ زَادًا وَرَاحِلَةً فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ؛ وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ بِحَالٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْخِطَابِ بِالْحَجِّ، فَلَمْ يُجْزِهِ حَجُّهُ.
فَإِنْ قِيلَ : لَيْسَ الْفَقِيرُ مِنْ أَهْلِ الْخِطَابِ بِالْحَجِّ ؛ لِعَدَمِ مِلْكِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَلَوْ حَجَّ جَازَ حَجُّهُ ؛ كَذَلِكَ الْعَبْدُ.
قِيلَ لَهُ : إنَّ الْفَقِيرَ مِنْ أَهْلِ الْخِطَابِ ؛ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَمْلِكُ، وَالْعَبْدُ مِمَّنْ لَا يَمْلِكُ ؛ وَإِنَّمَا سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ الْفَقِيرِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ