وَإِزَالَتُهُ، فَفُرِضَ عَلَى مَنْ أَمْكَنَهُ إزَالَةُ ذَلِكَ بِيَدِهِ أَنْ يُزِيلَهُ ؛ وَإِزَالَتُهُ بِالْيَدِ تَكُونُ عَلَى وُجُوهٍ : مِنْهَا أَنْ لَا يُمْكِنَهُ إزَالَتُهُ إلَّا بِالسَّيْفِ، وَأَنْ يَأْتِيَ عَلَى نَفْسِ فَاعِلِ الْمُنْكَرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ.
كَمَنْ رَأَى رَجُلًا قَصَدَهُ أَوْ قَصَدَ غَيْرَهُ بِقَتْلِهِ أَوْ بِأَخْذِ مَالٍ أَوْ قَصَدَ الزِّنَا بِامْرَأَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْتَهِي إنْ أَنْكَرَهُ بِالْقَوْلِ أَوْ قَاتَلَهُ بِمَا دُونَ السِّلَاحِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ﴾، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ تَغْيِيرُهُ بِيَدِهِ إلَّا بِقَتْلِ الْمُقِيمِ عَلَى هَذَا الْمُنْكَرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ فَرْضًا عَلَيْهِ.
وَإِنْ غَلَبَ فِي ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ أَنْكَرَهُ بِيَدِهِ وَدَفْعَهُ عَنْهُ بِغَيْرِ سِلَاحٍ انْتَهَى عَنْهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى قَتْلِهِ، وَإِنْ غَلَبَ فِي ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ أَنْكَرْهُ بِالدَّفْعِ بِيَدِهِ أَوْ بِالْقَوْلِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ دَفْعُهُ عَنْهُ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ إزَالَةُ هَذَا الْمُنْكَرِ إلَّا بِأَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ مِنْ غَيْرِ إنْذَارٍ مِنْهُ لَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ غَصَبَ مَتَاعَ رَجُلٍ :" وَسِعَكَ قَتْلُهُ حَتَّى تَسْتَنْقِذَ الْمَتَاعَ وَتَرُدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ " وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي السَّارِقِ إذَا أَخَذَ الْمَتَاعَ :" وَسِعَكَ أَنْ تَتْبَعَهُ حَتَّى تَقْتُلَهُ إنْ لَمْ يَرُدَّ الْمَتَاعَ ".
قَالَ مُحَمَّدٌ : وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي اللِّصِّ الَّذِي يَنْقُبُ الْبُيُوتَ :" يَسَعُكَ قَتْلُهُ " وَقَالَ فِي رَجُلٍ يُرِيدُ قَلْعَ سِنِّك، قَالَ فَلَكَ أَنْ تَقْتُلَهُ إذَا كُنْت فِي مَوْضِعٍ لَا يُعِينُك النَّاسُ عَلَيْهِ " وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ ﴾ فَأَمَرَ بِقِتَالِهِمْ.
وَلَمْ يَرْفَعْهُ عَنْهُمْ إلَّا بَعْدَ الْفَيْءِ إلَى