قَوْله تَعَالَى :﴿ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إلَّا أَذًى ﴾ الْآيَةَ، فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا أَعْدَاءَ الْمُؤْمِنِينَ وَهُمْ حَوَالَيْ الْمَدِينَةِ بَنُو النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةُ وَبَنُو قَيْنُقَاعَ وَيَهُودُ خَيْبَرَ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ لَا يَضُرُّونَهُمْ إلَّا أَذًى مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ، وَأَنَّهُمْ مَتَى قَاتَلُوهُمْ وَلَّوْا الْأَدْبَارَ ؛ فَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ، وَذَلِكَ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَمَا ثُقِفُوا إلَّا بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ ﴾ وَهُوَ يَعْنِي بِهِ الْيَهُودَ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهُمْ.
فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْيَهُودَ صَارُوا كَذَلِكَ مِنْ الذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْمُسْلِمُونَ لَهُمْ عَهْدَ اللَّهِ وَذِمَّتَهُ ؛ لِأَنَّ الْحَبْلَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُوَ الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ.