مُؤَبَّدًا عِنْدَكُمْ كَاَلَّذِي يَطَأُ أُمَّ امْرَأَتِهِ أَوْ ابْنَتَهَا فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا قِيلَ لَهُ : لَيْسَ هَذَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ بِسَبِيلٍ ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا إنَّمَا هُوَ فِي وَطْءٍ يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْمَوْطُوءَةِ نَفْسِهَا، فَأَمَّا وَطْءٌ يُوجِبُ تَحْرِيمَ غَيْرِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ حُكْمُ كُلِّ وَطْءٍ عِنْدَنَا زِنًا كَانَ أَوْ وَطْئًا بِشُبْهَةٍ أَوْ مُبَاحًا، وَأَنْتَ لَمْ تَجِدْ فِي الْأُصُولِ وَطْئًا يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْمَوْطُوءَةِ، فَكَانَ قَوْلُك خَارِجًا عَنْ الْأُصُولِ وَعَنْ أَقَاوِيلِ السَّلَفِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ عُمَرَ قَدْ رَجَعَ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ جَعَلَ الْمَهْرَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ مَهْرٌ حَصَلَ لَهَا مِنْ وَجْهٍ مَحْظُورٍ فَسَبِيلُهُ أَنْ يُتَصَدَّقَ بِهِ، فَلِذَلِكَ جَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ رَجَعَ فِيهِ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَمَذْهَبُ عُمَرَ فِي جَعْلِ مَهْرِهَا لِبَيْتِ الْمَالِ ؛ إذْ قَدْ حَصَلَ لَهَا ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ مَحْظُورٍ، يُشْبِهُ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّاةِ الْمَأْخُوذَةِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا، قُدِّمَتْ إلَيْهِ مَشْوِيَّةً، فَلَمْ يَكَدْ يُسِيغُهَا حِينَ أَرَادَ الْأَكْلَ مِنْهَا فَقَالَ :﴿ إنَّ هَذِهِ الشَّاةَ تُخْبِرُنِي أَنَّهَا أُخِذَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ : أَطْعِمُوهَا الْأُسَارَى ﴾.
وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهَا صَارَتْ لَهُمْ بِضَمَانِ الْقِيمَةِ، فَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ لَهُمْ مِنْ وَجْهٍ مَحْظُورٍ وَلَمْ يَكُونُوا قَدْ أَدَّوْا الْقِيمَةَ إلَى أَصْحَابِهَا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ مَهْرَهَا لِبَيْتِ الْمَالِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَإِبْرَاهِيمُ وَالزُّهْرِيُّ :( الصَّدَاقُ لَهَا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ) وَفِي اتِّفَاقِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ عَلَى أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ


الصفحة التالية
Icon