لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا ؛ إذْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا شَيْئًا دِينَارٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَزِمَتْهُ الْمُتْعَةُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ أَضْعَافُ مَهْرِ مِثْلِهَا، فَتَسْتَحِقُّ قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَكْثَرَ مِمَّا تَسْتَحِقُّهُ بَعْدَ الدُّخُولِ.
وَهَذَا خُلْفٌ مِنْ الْقَوْلِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ لِلْمُطْلَقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفَ مَا أَوْجَبَهُ لَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، فَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ بِاعْتِبَارِ حَالِ الرَّجُلِ دُونَهَا يُؤَدِّي إلَى مُخَالَفَةِ مَعْنَى.
الْكِتَابِ وَدَلَالَتِهِ وَإِلَى خِلَافِ الْمَعْرُوفِ فِي الْعَادَاتِ سَقَطَ وَوَجَبَ اعْتِبَارُ حَالِهَا مَعَهُ.
وَيَفْسُدُ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ : وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلَانِ مُوسِرَانِ أُخْتَيْنِ فَدَخَلَ أَحَدُهُمَا : بِامْرَأَتِهِ كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، إذْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا ؛ وَطَلَّقَ الْآخَرُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ أَنْ تَكُونَ الْمُتْعَةُ لَهَا عَلَى قَدْرِ حَالِ الرَّجُلِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَضْعَافُ مَهْرِ أُخْتِهَا فَيَكُونُ مَا تَأْخُذُهُ الْمَدْخُولُ بِهَا أَقَلَّ مِمَّا تَأْخُذُهُ الْمُطَلَّقَةُ، وَقِيمَةُ الْبُضْعَيْنِ وَاحِدَةٌ وَهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ فِي الْمَهْرِ، فَيَكُونُ الدُّخُولُ مُدْخِلًا عَلَيْهَا ضَرَرًا وَنُقْصَانًا فِي الْبَدَلِ ؛ وَهَذَا مُنْكَرٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ.
فَهَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ حَالِ الْمَرْأَةِ مَعَهُ.
وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا :" إنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا وَكَانَتْ مُتْعَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَنَّهَا لَا تُجَاوِزُ بِهَا نِصْفَ مَهْرِ مِثْلِهَا فَيَكُونُ لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمِنْ الْمُتْعَةِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ الْمُسَمَّى.
لَهَا أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ التَّسْمِيَةِ مَعَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُعْطِيَهَا عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ ؛ وَلَمَّا كَانَ الْمُسَمَّى مَعَ ذَلِكَ