عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي لَا تَكُونُ مَمْنُوعًا فِيهَا مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ ؛ لِأَنَّ الْإِفْضَاءَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَضَاءِ مِنْ الْأَرْضِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي لَا بِنَاءَ فِيهِ وَلَا حَاجِزَ يَمْنَعُ مِنْ إدْرَاكِ مَا فِيهِ، فَأَفَادَ بِذَلِكَ اسْتِحْقَاقَ الْمَهْرِ بِالْخَلْوَةِ عَلَى وَصْفٍ وَهِيَ الَّتِي لَا حَائِلَ بَيْنَهُمَا وَلَا مَانِعَ مِنْ التَّسْلِيمِ وَالِاسْتِمْتَاعِ ؛ إذْ كَانَ لَفْظُ الْإِفْضَاءِ يَقْتَضِيهِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى :﴿ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ وقَوْله تَعَالَى :﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ﴾ يَعْنِي مُهُورَهُنَّ.
وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْإِيتَاءِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إلَّا مَا قَامَ دَلِيلُهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنِ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنِ شَاذَّانِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :﴿ مَنْ كَشَفَ خِمَارَ امْرَأَةٍ وَنَظَرَ إلَيْهَا وَجَبَ الصَّدَاقُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ ﴾ وَهُوَ عِنْدَنَا اتِّفَاقُ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ فِرَاسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لَا يُثْبِتُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مِنْ طَرِيقِ فِرَاسٍ.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى قَالَ :( قَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَنَّهُ مَنْ أَغْلَقَ بَابًا أَوْ أَرْخَى سِتْرًا فَقَدْ وَجَبَ الْمَهْرُ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ ) فَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَضَاءُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :{ عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ


الصفحة التالية
Icon