كَانَتَا أَقْرَبَ إلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْأُخْتَيْنِ، وَإِذَا كَانَتْ الْأُخْتُ بِمَنْزِلَةِ الْبِنْتِ فَكَذَلِكَ الْبِنْتَانِ فِي اسْتِحْقَاقِ الثُّلُثَيْنِ ؛ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَعْطَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا الْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ وَالْمَرْأَةَ الثُّمُنَ وَالْعَمَّ مَا بَقِيَ.
وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ إلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ.
جَعَلَ لِلْبِنْتَيْنِ النِّصْفَ كَنَصِيبِ الْوَاحِدَةِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ﴾، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلِابْنَتَيْنِ النِّصْفَ وَإِنَّمَا فِيهِ نَصٌّ عَلَى أَنَّ مَا فَوْقَ ابْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ، فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ بِأَنَّ لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ مُخَالِفًا لِلْآيَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ لِلِابْنَةِ النِّصْفَ إذَا كَانَتْ وَحْدَهَا، وَأَنْتَ جَعَلْت لِلِابْنَتَيْنِ النِّصْفَ وَذَلِكَ خِلَافُ الْآيَةِ، فَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ مُخَالَفَةُ الْآيَةِ حِينَ جَعَلَ لِلِابْنَتَيْنِ النِّصْفَ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ جَعَلَ لِلْوَاحِدَةِ النِّصْفَ فَكَذَلِكَ لَا تُلْزِمُ مُخَالِفِيهِ مُخَالَفَةُ الْآيَةِ فِي جَعْلِهِمْ لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَنْفِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ﴾ أَنْ يَكُونَ لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى حُكْمِ مَا فَوْقَهُمَا، وَقَدْ دَلَّ عَلَى حُكْمِهِمَا فِي فَحْوَى الْآيَةِ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي بَيَّنَّا وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ دَلَالَةِ حُكْمِ الْأُخْتَيْنِ عَلَى حُكْمِ الِابْنَتَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
وَقَدْ قِيلَ إنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ﴾ أَنَّ ذِكْرَ " فَوْقَ " هَهُنَا صِلَةٌ لِلْكَلَامِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ ﴾


الصفحة التالية
Icon