قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ﴾ إلَى قَوْله تَعَالَى :﴿ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ﴾.
قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُنَّ إذَا كُنَّ أَرْبَعًا يَشْتَرِكْنَ فِي الثُّمُنِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي مِيرَاثِ الْأَبَوَيْنِ مَعَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، فَقَالَ عَلِيٌّ وَعُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعُثْمَانُ وَزَيْدٌ :" لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأَبِ، وَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأَبِ ".
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :" لِلزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ مِيرَاثُهُمَا وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ كَامِلًا وَمَا بَقِيَ فَلِلْأَبِ " وَقَالَ :" لَا أَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ثُلُثَ مَا بَقِيَ " وَعَنْ ابْنِ سِيرِينَ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ وَرُوِيَ أَنَّهُ تَابَعَهُ فِي الْمَرْأَةِ وَالْأَبَوَيْنِ وَخَالَفَهُ فِي الزَّوْجِ وَالْأَبَوَيْنِ، لَتَفْضِيلِهِ الْأُمَّ عَلَى الْأَبِ.
وَالصَّحَابَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، إلَّا مَا حَكَيْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَظَاهِرِ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ :﴿ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ﴾ فَجَعَلَ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا كَمَا جَعَلَهُ أَثْلَاثًا بَيْنَ الِابْنِ وَالْبِنْتِ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ وَجَعَلَهُ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ أَثْلَاثًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَإِنْ كَانُوا إخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ ثُمَّ لَمَّا سَمَّى لِلزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ مَا سَمَّى لَهُمَا وَأَخَذَا نَصِيبَهُمَا كَانَ الْبَاقِي بَيْنَ الِابْنِ وَالْبِنْتَيْنِ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ دُخُولِهِمَا، وَكَذَلِكَ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَخْذُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ نَصِيبَهُمَا مُوجِبًا لِلْبَاقِي بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ عَلَى مَا اسْتَحَقَّاهُ أَثْلَاثًا قَبْلَ دُخُولِهِمَا ؛ وَأَيْضًا هُمَا