بَابُ مِيرَاثِ أَوْلَادِ الِابْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾ قَدْ أُرِيدَ بِهِ أَوْلَادُ الصُّلْبِ وَأَوْلَادُ الِابْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدُ الصُّلْبِ ؛ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ بَنِي ابْنٍ وَبَنَاتِ ابْنٍ أَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ بِحُكْمِ الْآيَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ بِنْتَ ابْنٍ كَانَ لَهَا النِّصْفُ وَإِنْ كُنَّ جَمَاعَةً كَانَ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ عَلَى سِهَامِ مِيرَاثِ وَلَدِ الصُّلْبِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ أَوْلَادَ الذُّكُورِ مُرَادُونَ بِالْآيَةِ.
وَاسْمُ الْوَلَدِ يَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ الِابْنِ كَمَا يَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ الصُّلْبِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ يَا بَنِي آدَمَ ﴾ وَلَا يَمْتَنِعُ أَحَدٌ أَنْ يَقُولَ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَلَدِ هَاشِمٍ وَمِنْ وَلَدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ اسْمَ الْأَوْلَادِ يَقَعُ عَلَى وَلَدِ الِابْنِ وَعَلَى وَلَدِ الصُّلْبِ جَمِيعًا ؛ إلَّا أَنَّ أَوْلَادَ الصُّلْبِ يَقَعُ عَلَيْهِمْ هَذَا الِاسْمُ حَقِيقَةً وَيَقَعُ عَلَى أَوْلَادِ الِابْنِ مَجَازًا، وَلِذَلِكَ لَمْ يُرَادُوا فِي حَالِ وُجُودِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَلَمْ يُشَارِكُوهُمْ فِي سِهَامِهِمْ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ فِي أَحَدِ حَالَيْنِ : إمَّا أَنْ يُعْدَمَ وَلَدُ الصُّلْبِ رَأْسًا فَيَقُومُونَ مَقَامَهُمْ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَحُوزَ وَلَدُ الصُّلْبِ الْمِيرَاثَ فَيَسْتَحِقُّونَ بَعْضَ الْفَضْلِ أَوْ جَمِيعَهُ، فَإِمَّا أَنْ يَسْتَحِقُّوا مِنْ أَوْلَادِ الصُّلْبِ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ كَمَا يَسْتَحِقُّهُ وَلَدُ الصُّلْبِ بَعْضَهُمْ مَعَ بَعْضٍ فَلَيْسَ كَذَلِكَ.
فَإِنْ قِيلَ : لِمَا كَانَ الِاسْمُ يَتَنَاوَلُ وَلَدَ الصُّلْبِ حَقِيقَةً وَوَلَدَ الِابْنِ مَجَازًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُرَادُوا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ لِامْتِنَاعِ كَوْنِ لَفْظٍ وَاحِدٍ حَقِيقَةً وَمَجَازًا.
قِيلَ لَهُ : إنَّهُمْ لَمْ يُرَادُوا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ مَتَى وُجِدَ أَوْلَادُ الصُّلْبِ، فَإِنَّ وَلَدَ الِابْنِ لَا يَسْتَحِقُّونَ الْمِيرَاثَ