وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي الْجَدِّ هَلْ يُوَرَّثُ كَلَالَةً، فَقَالَ قَائِلُونَ :" لَمْ يُوَرَّثْ كَلَالَةً ".
وَقَالَ آخَرُونَ :" بَلْ هُوَ كَلَالَةٌ " وَهُوَ قَوْلُ مَنْ يُوَرِّثُ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ مَعَ الْجَدِّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ خَارِجًا مِنْ الْكَلَالَةِ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ ابْنَ الِابْنِ خَارِجٌ عَنْ الْكَلَالَةِ ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى الْمَيِّتِ بِالْوِلَادِ، فَوَاجِبٌ عَلَى هَذَا خُرُوجُ الْجَدِّ مِنْهَا ؛ إذْ كَانَتْ النِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا مِنْ طَرِيقِ الْوِلَادِ.
وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى : أَنَّ الْجَدَّ هُوَ أَصْلُ النَّسَبِ كَالْأَبِ وَلَيْسَ بِخَارِجٍ عَنْهُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ خَارِجًا عَنْ الْكَلَالَةِ ؛ إذْ كَانَتْ الْكَلَالَةُ مَا تُكَلَّلُ عَلَى النَّسَبِ وَتُعْطَفُ عَلَيْهِ مِمَّنْ لَيْسَ أَصْلُ النَّسَبِ مُتَعَلِّقًا بِهِ.
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ ﴾ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْجَدُّ وَأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْهُ لَا يَرِثُ مَعَهُ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأُمِّ كَمَا لَا يَرِثُونَ مَعَ الِابْنِ وَالْبِنْتِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْجَدَّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي خُرُوجِهِ عَنْ الْكَلَالَةِ ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَدَّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي نَفْيِ مُشَارَكَةِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ إيَّاهُ فِي الْمِيرَاثِ.
فَإِنْ قِيلَ : هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْته مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْبِنْتَ خَارِجَةٌ عَنْ الْكَلَالَةِ وَلَا يَرِثُ مَعَهَا الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ مِنْ الْأُمِّ وَيَرِثُ مَعَهَا الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ، فَكَذَلِكَ الْجَدُّ.
قِيلَ لَهُ : لِمَ نَجْعَلُ مَا ذَكَرْنَاهُ عِلَّةً لِلْمَسْأَلَةِ فَيَلْزَمُنَا مَا وَصَفْت، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ لَمَّا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ اسْمُ الْكَلَالَةِ كَالْأَبِ وَالِابْنِ اقْتَضَى ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنْ يَكُونَ مِيرَاثُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ عِنْدَ عَدَمِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ مَعَهُ، وَالْبِنْتُ وَإِنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْ