أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ مِنْ الْآخَرِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأُخْتَ مَنْصُوصٌ عَلَى فَرْضِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ﴾ كَنَصِّهِ عَلَى فَرْضِ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ وَالْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ، فَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ تَقْدِيمُ هَؤُلَاءِ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى فَرْضِهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ كَمَا نَصَّ عَلَى فَرْضِ الَّذِينَ مَعَهَا ؟ وَلَيْسَ يَجِبُ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَزَالَ فَرْضَهَا إلَى غَيْرِ فَرْضٍ فِي مَوْضِعِ أَنْ يُزِيلَ فَرْضَهَا فِي الْحَالِ الَّتِي نَصَّ عَلَيْهِ فِيهَا ؛ فَهَذَا الْقَوْلُ أَشْنَعُ فِي مُخَالَفَةِ الْآيِ الَّتِي فِيهَا سِهَامُ الْمَوَارِيثِ مِنْ الْقَوْلِ بِإِثْبَاتِ نِصْفٍ وَنِصْفٍ وَثُلُثٍ عَلَى وَجْهِ الْمُضَارَبَةِ بِهَا.
وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ فِي الْمَوَارِيثِ مِنْ الْأُصُولِ أَيْضًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ ﴾ فَلَوْ تَرَكَ الْمَيِّتُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِآخَرَ خَمْسُمِائَةٍ وَلِآخَرَ أَلْفٌ، كَانَتْ الْأَلْفُ الْمَتْرُوكَةُ مَقْسُومَةً بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ دُيُونِهِمْ، وَلَيْسَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهُ لَمْ يَكُنْ اسْتِيفَاءُ أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ مِنْ أَلْفٍ اسْتَحَالَ الضَّرْبُ بِهَا ؛ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى رَجُلٌ بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ وَبِسُدُسِهِ لِآخَرَ وَلَمْ تُجِزْ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ تَضَارَبَا فِي الثُّلُثِ بِقَدْرِ وَصَايَاهُمْ، فَيَضْرِبُ أَحَدُهُمَا بِالسُّدُسِ وَالْآخَرُ بِالثُّلُثِ مَعَ اسْتِحَالَةِ اسْتِيفَاءِ النِّصْفِ مِنْ الثُّلُثِ ؛ وَكَذَلِكَ الِابْنُ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمَالِ لَوْ انْفَرَدَ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ لَوْ انْفَرَدَتْ، فَإِذَا اجْتَمَعَا ضُرِبَ الِابْنُ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَالْبِنْتُ بِالنِّصْفِ فَيَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَهَكَذَا سَبِيلُ الْعَوْلِ فِي الْفَرَائِضِ عِنْدَ تَدَافُعِ السِّهَامِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.