يَحْتَجُّ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا جَعَلَ لَهَا النِّصْفَ إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ لَهَا النِّصْفَ مَعَ الْوَلَدِ ؛ فَإِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى سَهْمِهَا عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَنْفِ مِيرَاثَهَا مَعَ وُجُودِهِ، وَتَسْمِيَتُهُ لَهَا النِّصْفَ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى سُقُوطِ حَقِّهَا إذَا كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ ؛ إذْ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْحَالَ بِنَفْيِ الْمِيرَاثِ وَلَا بِإِيجَابِهِ، فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى دَلِيلِهِ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَعْنَاهُ : إنْ امْرُؤٌ هَلَكَ وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ذَكَرٌ ؛ بِدَلَالَةِ قَوْله تَعَالَى فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ :﴿ وَهُوَ يَرِثُهَا ﴾ يَعْنِي الْأَخَ يَرِثُ الْأُخْتَ ﴿ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ﴾ مَعْنَاهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ : إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ذَكَرٌ إذْ لَا خِلَافَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهَا إذَا تَرَكَتْ وَلَدًا أُنْثَى وَأَخًا أَنَّ لِلْبِنْتِ النِّصْفَ وَالْبَاقِيَ لِلْأَخِ، وَالْوَلَدُ الْمَذْكُورُ هَاهُنَا هُوَ الْمَذْكُورُ بَدِيًّا فِي أَوَّلِ الْآيَةِ.
وَأَيْضًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ﴾ وَمَعْنَاهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ : إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ذَكَرٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ ابْنَةً وَأَبَوَيْنِ أَنَّ لِلْبِنْتِ النِّصْفَ وَلِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ، فَيَأْخُذُ الْأَبُ فِي هَذِهِ الْحَالِ مَعَ الْوَلَدِ الْأُنْثَى أَكْثَرَ مِنْ السُّدُسِ، وَأَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ﴾ عَلَى أَنَّهُ وَلَدٌ ذَكَرٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ أَبًا وَبِنْتًا كَانَ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأَبِ النِّصْفُ ؛ فَقَدْ أَخَذَ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ السُّدُسِ مَعَ الْوَلَدِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَشَذَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْأُمَّةِ فَزَعَمَتْ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ بِنْتًا وَأُخْتًا كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ