وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ، فَقَالَ عَلِيٌّ وَزَيْدٌ :" لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسُ وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَهُمَا نِصْفَانِ " وَهُوَ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ.
وَقَالَ عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ :" الْمَالُ لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ، وَقَالَا :" ذُو السَّهْمِ أَحَقُّ مِمَّنْ لَا سَهْمَ لَهُ " وَإِلَيْهِ كَانَ يَذْهَبُ شُرَيْحٌ وَالْحَسَنُ.
وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَخَوَيْنِ لِأُمٍّ أَحَدُهُمَا ابْنُ عَمٍّ أَنَّ لَهُمَا الثُّلُثَ بِنَسَبِ الْأُمِّ وَمَا بَقِيَ فَلِابْنِ الْعَمِّ خَاصَّةً، وَلَمْ يَجْعَلُوا ابْنَ الْعَمِّ أَحَقَّ بِجَمِيعِ الْمِيرَاثِ لِاجْتِمَاعِ السَّهْمِ وَالتَّسْمِيَةُ لَهُ دُونَ الْآخَرِ، كَذَلِكَ حُكْمُ ابْنَيْ الْعَمِّ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَخًا لِأُمٍّ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُجْعَلَ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ أَجْلِ اخْتِصَاصِهِ بِالسَّهْمِ وَالتَّعْصِيبِ.
وَشَبَّهَ عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ ذَلِكَ بِالْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَخٌ لِأَبٍ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ، وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَ الْآخَرِينَ مُشْبِهًا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ نَسَبَهُمَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْأُخُوَّةُ، فَاعْتُبِرَ فِيهَا أَقْرَبُهُمَا إلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي اجْتَمَعَ لَهُ قَرَابَةُ الْأَبِ وَالْأُمِّ، وَلَا يَسْتَحِقُّ بِقَرَابَتِهِ مِنْ الْأُمِّ سَهْمَ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ بَلْ إنَّمَا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ حُكْمُ الْأُخُوَّةِ ؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ابْنَا الْعَمِّ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَخًا لِأُمٍّ ؛ لِأَنَّك تُرِيدُ أَنْ تُؤَكِّدَ بِالْأُخُوَّةِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ مَا لَيْسَ بِأُخُوَّةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ سَبَبٌ آخَرُ غَيْرُهَا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُؤَكِّدَهُ بِهَا وَيَدُلُّك عَلَى هَذَا أَنَّ نِسْبَتَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ ابْنُ الْعَمِّ لَا يُسْقِطُ سَهْمَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ بَلْ يَرِثُ بِأَنَّهُ أَخٌ لِأُمٍّ سَهْمُ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ وَإِنْ كَانَ ابْنُ عَمٍّ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَيِّتَةَ لَوْ تَرَكَتْ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَزَوْجًا وَأَخًا لِأُمٍّ هُوَ ابْنُ عَمٍّ أَنَّ لِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ وَلِلزَّوْجِ النِّصْفَ وَلِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ السُّدُسَ


الصفحة التالية
Icon