قَضَى بِقَوْلِهِ، فَكَانَ شُرَيْحٌ إذَا قَضَى بِذَلِكَ قَالَ : هَذَا قَضَاءُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.
وَقَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى ﴾ وَفِي لَفْظٍ :﴿ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ ﴾.
وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ ﴾.
فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ تَمْنَعُ تَوْرِيثَ الْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ وَالْكَافِرَ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُهُ، فَهُوَ ثَابِتُ الْحُكْمِ فِي إسْقَاطِ التَّوَارُثِ بَيْنَهُمَا.
وَأَمَّا حَدِيثُ مُعَاذٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْنِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَإِنَّمَا تَأَوَّلَ فِيهَا قَوْلَهُ :﴿ الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ ﴾ وَالتَّأْوِيلُ لَا يُقْضَى بِهِ عَلَى النَّصِّ وَالتَّوْقِيفِ وَإِنَّمَا يُرَدُّ التَّأْوِيلُ إلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَيُحْمَلُ عَلَى مُوَافَقَتِهِ دُونَ مُخَالِفَتِهِ.
وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ ﴾ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَنْ أَسْلَمَ تُرِكَ عَلَى إسْلَامِهِ وَمَنْ خَرَجَ عَنْ الْإِسْلَامِ رُدَّ إلَيْهِ ؛ وَإِذَا احْتَمَلَ ذَلِكَ وَاحْتَمَلَ مَا تَأَوَّلَهُ مُعَاذٌ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى مُوَافَقَةِ خَبَرِ أُسَامَةَ فِي مَنْعِ التَّوَارُثِ، إذْ غَيْرُ جَائِزٍ رَدُّ النَّصِّ بِالتَّأْوِيلِ وَالِاحْتِمَالِ.
وَالِاحْتِمَالُ أَيْضًا لَا تَثْبُتُ بِهِ حُجَّةٌ ؛ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَهُوَ مُفْتَقِرٌ فِي إثْبَاتِ حُكْمِهِ إلَى دَلَالَةٍ مِنْ غَيْرِهِ، فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ مَسْرُوقٍ :" مَا أَحْدَثَ فِي الْإِسْلَامِ قَضِيَّةً أَعْجَبُ مِنْ قَضِيَّةٍ قَضَى بِهَا مُعَاوِيَةُ فِي تَوْرِيثِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ " فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ هَذَا الْمَذْهَبِ لِإِخْبَارِهِ أَنَّهَا قَضِيَّةٌ مُحْدَثَةٌ فِي