لَأَخْبَارِهِمْ ؛ فَلِذَلِكَ شَكُّوا فِيهِ وَلَمْ يُثْبِتُوهُ وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ كَثِيرٌ مِنْ أَوَائِلِهِمْ قَدْ عَرَفُوا ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِفَاضَةِ ثُمَّ جَحَدُوا مُحَامَلَةً مِنْهُمْ عَلَى مَا سَبَقُوا إلَى اعْتِقَادِهِ مِنْ رَدِّ أَخْبَارِ مَنْ لَيْسَ عَلَى مَقَالَتِهِمْ، وَقَلَّدَهُمْ الْأَتْبَاعُ وَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَمْ يَقَعْ لَهُمْ الْعِلْمُ بِهِ، أَوْ الَّذِينَ عَرَفُوهُ كَانُوا عَدَدًا يَسِيرًا يَجُوزُ عَلَى مِثْلِهِمْ كِتْمَانُ مَا عَرَفُوهُ وَجَحَدُوهُ، وَلَمْ يَكُونُوا صَحَابَةً فَيَكُونُوا قَدْ عَرَفُوهُ مِنْ جِهَةِ الْمُعَايَنَةِ أَوْ بِكَثْرَةِ السَّمَاعِ مِنْ الْمُعَايِنِينَ لَهُ، فَلَمَّا خَلَوْا مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَعْرِفُوهُ ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ فَرَائِضَ صَدَقَاتِ الْمَوَاشِي مَنْقُولَةٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ الْمُوجِبِ لِلْعِلْمِ وَلَا يَعْرِفُهَا إلَّا أَحَدُ رَجُلَيْنِ إمَّا فَقِيهٌ قَدْ سَمِعَهَا فَثَبَتَ عِنْدَهُ الْعِلْمُ بِهَا مِنْ جِهَةِ النَّاقِلِينَ لَهَا وَإِمَّا رَجُلٌ صَاحِبُ مَوَاشٍ تَكْثُرُ بَلْوَاهُ بِوُجُوبِهَا فَيَتَعَرَّفُهَا لِيَعْلَمَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا ؟ وَمِثْلُهُ أَيْضًا إذَا كَثُرَ سَمَاعُهُ وَقَعَ لَهُ الْعِلْمُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا إلَّا مِنْ جِهَةِ الْآحَادِ لَمْ يَعْلَمْهَا ؛ وَهَذَا سَبِيلُ الْخَوَارِجِ فِي جُحُودِهِمْ الرَّجْمُ وَتَحْرِيمُ تَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ مِمَّا اخْتَصَّ أَهْلُ الْعَدْلِ بِنَقْلِهِ دُونَ الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ.
وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ أَحْكَامًا : مِنْهَا اسْتِشْهَادُ أَرْبَعَةٍ مِنْ الشُّهَدَاءِ عَلَى الزِّنَا.
وَمِنْهَا الْحَبْسُ لِلْمَرْأَةِ وَالْأَذَى لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ جَمِيعًا.
وَمِنْهَا سُقُوطُ الْأَذَى وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُمَا بِالتَّوْبَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ﴾ وَهَذِهِ التَّوْبَةُ إنَّمَا كَانَتْ مُؤَثِّرَةً فِي إسْقَاطِ الْأَذَى دُونَ الْحَبْسِ، وَأَمَّا الْحَبْسُ فَكَانَ مَوْقُوفًا عَلَى وُرُودِ السَّبِيلِ، وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


الصفحة التالية
Icon