الرَّبِيعِ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرُ عَنْ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا ﴾ قَالَ : السُّفَهَاءُ ابْنُك السَّفِيهُ وَامْرَأَتُك السَّفِيهَةُ، قَالَ : وَقَوْلُهُ :﴿ قِيَامًا ﴾ قِيَامُ عَيْشِك.
وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ اتَّقُوا اللَّهَ فِي الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ ﴾، فَسَمَّى الْيَتِيمَ ضَعِيفًا.
وَلَمْ يَشْرُطْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إينَاسَ الرُّشْدِ فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِمْ، وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ دَفْعِهِ إلَيْهِمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ أُونِسَ مِنْهُ الرُّشْدُ أَوْ لَمْ يُؤْنَسْ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ شَرَطَهُ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ حَتَّى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ﴾ فَكَانَ ذَلِكَ مُسْتَعْمَلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، فَإِذَا بَلَغُوا وَلَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ رُشْدٌ وَجَبَ دَفْعُ الْمَالِ إلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ﴾ فَيَسْتَعْمِلُهُ بَعْدَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً عَلَى مُقْتَضَاهُ وَظَاهِرِهِ، وَفِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَدْفَعُهُ إلَّا مَعَ إينَاسِ الرُّشْدِ، لِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ إينَاسَ الرُّشْدِ قَبْلَ بُلُوغِ هَذِهِ السِّنِّ شَرْطُ وُجُوبِ دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ وَهَذَا وَجْهٌ سَائِغٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ فِيهِ اسْتِعْمَالَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْآيَتَيْنِ عَلَى مُقْتَضَى ظَوَاهِرِهِمَا عَلَى فَائِدَتِهِمَا، وَلَوْ اعْتَبَرْنَا إينَاسَ الرُّشْدِ عَلَى سَائِرِ الْأَحْوَالِ كَانَ فِيهِ إسْقَاطُ حُكْمِ الْآيَةِ الْأُخْرَى رَأْسًا، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ﴾ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لِإِينَاسِ الرُّشْدِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ إيجَابَ دَفْعِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ، وَمَتَى وَرَدَتْ آيَتَانِ : إحْدَاهُمَا : خَاصَّةٌ مُضَمَّنَةٌ بِقَرِينَةٍ فِيمَا تَقْتَضِيهِ مِنْ إيجَابِ الْحُكْمِ.
وَالْأُخْرَى : عَامَّةٌ غَيْرُ مُضَمَّنَةٍ