النَّظَرِ أَنَّ الْوَطْءَ آكَدُ فِي إيجَابِ التَّحْرِيمِ مِنْ الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّا لَمْ نَجِدْ وَطْئًا مُبَاحًا إلَّا وَهُوَ مُوجِبٌ لِلتَّحْرِيمِ، وَقَدْ وَجَدْنَا عَقْدًا صَحِيحًا لَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَى الْأُمِّ لَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْبِنْتِ وَلَوْ وَطِئَهَا حَرُمَتْ، فَعَلِمْنَا أَنَّ وُجُودَ الْوَطْءِ عِلَّةٌ لِإِيجَابِ التَّحْرِيمِ، فَكَيْفَمَا وُجِدَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ مُبَاحًا كَانَ الْوَطْءُ أَوْ مَحْظُورًا لِوُجُودِ الْوَطْءِ ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَطْئًا صَحِيحًا، فَلَمَّا اشْتَرَكَا فِي هَذَا الْمَعْنَى وَجَبَ أَنْ يَقَعَ بِهِ تَحْرِيمٌ وَأَيْضًا لَا خِلَافَ أَنَّ الْوَطْءَ بِشُبْهَةٍ وَبِمِلْكِ الْيَمِينِ يَحْرُمَانِ مَعَ عَدَمِ النِّكَاحِ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَطْءَ يُوجِبُ التَّحْرِيمَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وَقَعَ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ وَطْءُ الزِّنَا مُحَرِّمًا لِوُجُودِ الْوَطْءِ الصَّحِيحِ.
فَإِنْ قِيلَ : إنَّ الْوَطْءَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَبِشُبْهَةٍ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِهِمَا التَّحْرِيمُ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَالزِّنَا لَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ التَّحْرِيمِ قِيلَ لَهُ : لَيْسَ لِثُبُوتِ النَّسَبِ تَأْثِيرٌ فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ لَوْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِوَطْئِهِ ثُبُوتُ النَّسَبِ، وَمَنْ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا تَعَلَّقَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ ثُبُوتُ النَّسَبِ قَبْلَ الْوَطْءِ حَتَّى لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الْعَقْدِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لَزِمَهُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْعَقْدِ تَحْرِيمُ الْبِنْتِ ؛ فَإِذَا كُنَّا وَجَدْنَا الْوَطْءَ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِهِ يُوجِبُ التَّحْرِيمَ وَالْعَقْدَ مَعَ تَعَلُّقِ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِهِ لَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ، عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا حَظَّ لِثُبُوتِ النَّسَبِ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ الَّذِي يَجِبُ اعْتِبَارُهُ هُوَ الْوَطْءُ لَا غَيْرُ.
وَأَيْضًا لَا خِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ أَنَّهُ لَوْ لَمَسَ أَمَتَهُ لِشَهْوَةٍ


الصفحة التالية
Icon