إلَيْهَا أَوْ مُرَاوَدَتُهَا عَلَى الْوَطْءِ.
وَلَيْسَ فِيهِ إثْبَاتُ الْوَطْءِ، فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ تَحْرِيمًا وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِمِثْلِهِ التَّحْرِيمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ.
بَيْنَهُمَا عَقْدُ نِكَاحٍ وَلَيْسَ فِيهِ لِلْوَطْءِ ذِكْرٌ ؛ وَقَوْلُهُ :﴿ لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ ﴾ إنَّمَا هُوَ فِيمَا سُئِلَ عَنْهُ مِنْ اتِّبَاعِ الْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَقَوْلُهُ :﴿ لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ ﴾ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ بِعَيْنِهَا إنْ صَحَّتْ، فَكَانَ جَوَابًا لِمَا سُئِلَ عَنْهُ مِنْ النَّظَرِ وَالْمُرَاوَدَةِ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وَتَكُونُ فَائِدَتُهُ إزَالَةَ تَوَهُّمِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ النَّظَرَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ زِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا الرِّجْلَيْنِ الْمَشْيُ ﴾ فَكَانَ جَائِزًا أَنْ يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ النَّظَرَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ كَمَا يُحَرِّمُ الْوَطْءُ لِتَسْمِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهُ زِنًا، فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُحَرِّمُ وَأَنَّ التَّحْرِيمَ إذَا لَمْ تَكُنْ مُلَامَسَةٌ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسِيسٌ ؛ وَإِذَا احْتَمَلَ هَذَا الْخَبَرُ مَا وَصَفْنَا زَالَ الِاعْتِرَاضُ بِهِ.
وَعَلَى أَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ أَنَّ التَّحْرِيمَ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى النِّكَاحِ وَلَا عَلَى الْوَطْءِ الْمُبَاحِ ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ حَائِضًا أَنَّ هَذَا وَطْءٌ حَرَامٌ فِي غَيْرِ نِكَاحٍ وَأَنَّهُ يُوجِبُ التَّحْرِيمَ، فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ التَّحْرِيمِ مَقْصُورًا عَلَى النِّكَاحِ وَلَا عَلَى وَطْءٍ مُبَاحٍ ؛ وَكَذَلِكَ لَوْ وَطِئَ جَارِيَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ جَارِيَتَهُ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ كَانَ وَاطِئًا وَطْئًا حَرَامًا فِي غَيْرِ نِكَاحٍ مُوجِبٍ لِلتَّحْرِيمِ ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ إنْ ثَبَتَ فَلَيْسَ بِعُمُومٍ فِي نَفْيِ إيجَابِ التَّحْرِيمِ بِوَطْءٍ


الصفحة التالية
Icon